الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ واعْلمُوا أنَّما } اسم موصول، والفاء فى الخبر لشبه الموصول باسم الشرط فى العموم والإبهام، وعن الفراء يجوز كون ما شرطية، وعليه فاسم أن محذوف أى أنه وهو ضمير الشأن كقوله
إن من يدخل الكنيسة يوما يلق فيها جاذرا وظباء   
ولا يجوز هذا عند سيبويه إلا فى الضرورة { غَنِمْتم } الغنيمة فى اللغة ما يناله الرجل أو الجماعة بسعى، فالغنيمة ما ناله المسلمون من المشركين بالقتال أو بالقهر كائنا ما كان، والمغنم الفوء بالشئ، واستثنى بعضهم الأصول فلا تسمى غنيمة، بل تسمى فيئا، وليس كذلك، فإن الفئ ما جاء بلا قتال وقهر العشر والجزية، وأموال الصلح والمهادنة، وقال من مات منهم فى دار الإسلام ولا وارث له، وإخراج الأصول قيل وخمس الغنيمة ونحو ذلك، ولا خمس فيه هذا هو الصحيح، وهو قول الثورى، وعطاء. وقال قتادة كل ذلك يسمى غنيمة، ويسمى فيئًا، والغنيمة والفئ شئ واحد، وفيه الخمس، وكذا حكى ابن المنذر، عن الشافعى أن فى الفئ الخمس لمن ذكره الله فى هذه الآية، وأربعة الأخماس للمقاتلة والمصالح، وذكر عنه أنه كان فى قرى فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم، وأن أربعة أخماسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يضعها حيث شاء، قال قتادة إن الفئ داخل فى هذه الآية وإن هذه الآية ناسخة لقوله سبحانه فى سورة الحشرما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } الآية، وكانت هى الحكم أولا، ثم أعطى الله الخمس أهلها، وجعل أربعة الأخماس فى المقاتلين، ورد بأن هذه السورة ببدر قبل الحشر فى بنى النضير، وقيل هذه الآية لقوله سبحانهقل الأنفال لله والرسول } وأن غنائم بدر لم تخمس، وأكثر الروايات أنها خمست. ومنها أن عليا قال كانت لى شارف من المغنم ببدر، وشارف أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخمس، والأكثرون على أنه لا يخمس الفئ، وأنه يقسم على المسلمين مطلقا بحسب المصلحة، فيعطى الرجل بالنظر إلى قومه، والرجل بالنظر إلى قتاله، والرجل بالنظر إلى عياله، والرجل بالنظر إلى حاجته، وكان الفئ فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم فيما ذكروا عن عمر خاصا به، يتصرف فيه كما شاء، ينفق منه سنة على عياله، والباقى فى السلاح والكراع، ويصرف بعده للمقاتلة الذين أثبت أسماءهم فى ديوان الجهاد بقدر ما يكفيهم، ثم مصالح المسلمين، ثم الأهم فالأهم، وقيل للمقاتلة لأن بهم أرهب العدو، وكالنبى صلى الله عليه وسلم وقيل هو الإمام. { مِنْ شَئٍ } حال من الرابط المحذوف، أى ما غنمتموه من شئ ومن للبيان، وفائدته التعميم حتى أنه يشمل الصبى والمرأة، " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنب بعير، ثم أخذ وبرة منه وقال " ما لى ولا لكم منها، أى من الغنيمة مثل هذه إلا الخمس، ثم هو ردّ عليكم فأدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول نار وشنار على الغلة يوم القيامة ولكن الأكل والركوب والعلف، وليس أحدكم أحق بالغنيمة من الآخر ولو بالسهم " وقيل يا رسول الله استشهد فلان فقال " كلا إنى رأيته يجر إلى النار بعباءة غلها ".

السابقالتالي
2 3 4 5