الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ وإذْ يمكُر بكَ الَّذينَ كفَرُوا } واذكر إذ يمكرون بك، وزعم بعض أن إذ معطوفة على إذ فى قولهواذكروا إذ أنتم قليل } وهو سهو، لأنه لم يقل وإذ يمكر بك، وأصل المكر الخديعة والضر فى الحقيقة، وعن ابن فورك أصله المدافعة على جهة اللعب حتى يوقع فى حفرة، والمضارع حكاية للحال الماضية بجعلها كأنها حاضرة، وذلك أن قريشا أرادوا مكره وشرعوا فيه، وذلك فى مكة، فنجاه الله، فذكره ذلك ليشكر. { ليُثْبتوكَ } يحبسوك عن الذهاب والتصرف، بالإيثاق بحبل أو حديد، أو فى بيت مغلق، وبه قال السدى، وعطاء، وابن أبى كثير، أو بكثرة الضرب والجرح به، قاله أبو حاتم، وبالأول قال ابن عباس، ومجاهد، وقد قرأ ابن عباس ليقيدوك أى يوثقوك، وقيل ليسخروك، قرأ يحيى بن وثاب بفتح الثاء وتشديد التاء حكاه الإمام أبو عمرو الدانى، وحكاه عنه النقاش ليبيتوك من البيات، وقيل هذه ومعناه قريب من معنى قوله { أو يقْتلُوك } لكن التبييت القتل ليلا { أو يخْرجُوكَ } من مكة { ويمْكُرونَ } يتعاطون ضره خفية { ويمْكُر اللهُ } أى يجازيهم على مكرهم، وسمى الجزاء باسم الذنب، أو يرد مكرهم عليهم، أو يعاملهم معاملة الماكر، وقد قلد المسلمين فى أعينهم حتى اغتروا بقتلهم، فكانت الوقعة عليهم، وذلك فى أمر بدر، ولا يوصف الله بالمكر إلا مقابلة مكر، لأنه يوهم الذم، وذلك وقوف مع الوارد فى صفة الله، ولم يرد وصف المكر إلا مع ذكر مكر الإنسان، وأجيز وصفه به مطلقا استعارة، كقول على من وسع عليه فى الدنيا ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع. { واللهُ خَيرُ الماكرين } أى أعظمهم مكرا، أو زعموا أن فى مكرهم منفعة فأخبر الله أن مكرى أنفع، أو خرج خبر عن التفصيل أى فى مكر الله من بين مكر الماكرين نفع، وحكم وعدل، والآية مدنية بذكير بما وقع بمكة، عكرمة، ومجاهد أنها مكية، وعن ابن زيد أنها نزلت عقب كفاية المستهزئين. قيل ولعل معنى كونها مكية أن القصة مكية، وذاك أنه لما سمعت قريش بإسلام الأنصار ومبايعتهم علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجدون منعة، ويتفاخم أمرهم، ويجمعون لحربهم، وخافوا ذلك، وذلك بعد موت أبى طالب، فاجتمعوا فى دار الندوة وهى دار قصى بن كلاب، وكانوا لا يقضون أمرا إلا فيها، وكانت للمشاورة فى الحرب وغيرها لا للسكنى، والندوة الاجتماع، وحضر فيها رؤسائهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل، وأبو سفيان، والمطعم بن عدى، والنظر بن الحارث، وأبو البخترى بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وأمية بن خلف، واعترضهم إبليس فى صورة شيخ فقالوا من أنت؟ قال أنا شيخ من نجد، سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا منى رأيا ونصحا، فقالوا ادخل، فدخل.

السابقالتالي
2 3