الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ إنْ تَسْتفتحوا فقَدْ جَاءكُم الفتْحُ } إن تطلبوا الفتح يا كفار فقد جاءكم الفتح وهو النصر، والحكم بينهم وبين المؤمنين، وذلك تهكم بالكفار، لأن الفتح جاءهم لكن عليهم لا لهم، وكان أبو جهل يدعو فى محافل قريش ويقول اللهم أقطعنا للرحم أتانا بما لا يعرف فأهلكه واجعله المغلوب، يريد محمدا وإياهم، وروى أنهم لما عزموا أن يخرجوا إلى حماية العير تعلقوا بأستار الكعبة، واستفتحوا. وروى أن أبا جهل قال صبيحة يوم بدر اللهم انصر أحب الفئتين إليك، وأظهر خير الدينين عندك، اللهم أقطعنا للرحم فأحنه الغداة أى أهلكه فى هذه الصبيحة، وروى أنه قال يوم بدر عند التقاء الجمعين اللهم أينا كان أهجر وأقطع للرحم فأحِنْه اليوم، وروى أنهم لما أرادوا الخروج لمنع العير تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا اللهم انصر أقرانا للضيف، وأوصلنا للرحم، وأفكنا للعانى، إن كان محمد على حق فانصره، وإن كنا على حق فانصرنا. وروى أنهم قالوا اللهم انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين، واستفتحوا أيضا حين تصافوا للقتال، فجاء الأمر على طريق ألزموها أنفسهم، إذ نصر الله المحق على المبطل، وعن عكرمة قال المشركون والله ما نعرف ما جاء به محمد، فافتح بيننا وبينه، ونزل فى ذلك { إن تستفتحوا } الخ. { وإنْ تنْتَهوا } عن الكفر والمعاداة والقتال أو عن الاستفتاح فإنه من لازم الكفر والمعاداة { فَهُو } أى الانتهاء { خَيرٌ لكُم } لتضمنه السلامة من القتل والأسر وعذاب النار، والفوز بالجنة { وإنْ تَعُودوا } للكفر والمعاداة والقتال { نَعُدْ } لنصره عليكم { ولَن تُغْنى } تكفى، وقرئ بالياء، لأن تأنيث الفاعل مجازى وهو فاعل ظاهر، ولأنه مفصول { عنْكُم فِئتُكُم } جماعتكم { شَيئاً } من المضار، أو لن تغنى عنكم فئتكم مضار شيئا من الإغناء { ولَوْ كثُرتْ }. وقيل الخطاب للمؤمنين، أى تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن الكسل فى القتال والرغبة عن أمر الله فى الغنائم، وتنتهوا عن التفاخر بما فعلتم من قبل وغيره فهو خير لكم، وإن تعودوا إلى ذلك نعد عليكم بالإنكار والتوبيخ أو بتهييج العدو، ولن تغنى كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر، وقيل إن تستفتحوا خطاب للمؤمنين وإن تنتهوا خطاب للكفار مع ما بعده. وروى " أن خبابا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة فى ظل الكعبة الا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له حفرة فى الأرض ويجعل فيها، ويوضع المنشار على رأسه فيشق نصفين، ويمشط لحم الرجل بأمشاط الحديد لما يصده ذلك عن ذلك، وليتمنى الرجل هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون "

السابقالتالي
2