الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بقوتكم { ولكنَّ الله قَتَلهُم } بنصركم وإلقاء الرعب فى قلوبهم، ولإمداد بالملائكة، أو أنكم ولو ضربتموهم لستم بمزهقى أرواحهم، ولكن لله زمانها، وعن مجاهد لما فرغوا من القتال، وانصرفوا جعلوا يقولون قتلت كذا وكذا، وقتلت فلانا، وأسرت كذا، وفعلت وفعلت، فنزلت الآية، قال جار الله الفاء فى جواب شرط محذوف، أى إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم، وعن ابن هشام بأن لم لا تقرن بفاء الجواب، وقد يقال من جانب جانبه قرنت بالفاء لتقدير المبتدأ، أى فأنتم لم تقتلوهم وهو النائب بالجملة الاسمية بعده، أو قرنت بالفاء، لأن الشرط غير مذكور فزيدت لتدل عليه، فهى زائدة، ولأن لم هذه ومدخولها هنا بمنزلة صدقت وكذبت فى سورة يوسف، وقرأ ابن عامر، وحمزة والكسائى بتخفيف لكن وكسرها للساكن بعدها، ورفع اسم الجلالة هنا وفى الذى بعده. { ومَا رمَيْت } أى ما أبلغت الحصيات أو التراب، وأدخلت منه فى عين كل واحد من المشركين { إذْ رَميْت } إذ حركت يدك إلى جهة العدو، وطرحت ما فيها من حصى أو تراب إليهم { ولكنَّ الله رَمَى } أبلغ الحصيات أو التراب وأدخله، فى أعينهم، ومعلوم أن رميه صلى الله عليه وسلم لا يبلغ هذا المبلغ، ولا يقدر عليه، فالرمى المثبت للنبى صلى الله عليه وسلم المذكور وسطا الذى بمعنى التحريك لليد والطرح، فعل للنبى صلى الله عليه وسلم ومخلوق لله وهو المبتدأ والأول فى معنى لفظ الفعل، وأما الإبلاغ والتفريق ففعلان لله مخلوقان، وهما كمالان للفعل، ومقصودان منه، وهما فرع فى معنى لفظ الفعل كما فعل ابن هشام، يعبر بالفعل عن وقوعه وهو الأصل، وعن مشارفته وعن إرادته، وعن القدرة عليه. هذا هو الحق وهو مذهبنا معشر الأباضية فلم يرفق إلى معنى الآية من رام أن الآية دليل على بطلان نسبة الأفعال للعباد، وعلى أنها أفعال لله، وأنهم مجبرون عليها، ولزمهم ذلك فى كل فعل، ولا من زعن أن أفعال العباد خلق لهم. قال ابن إسحاق ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ثم قال " شاهت الوجوه " أى قبحت، ثم نفخهم بها، وأمر أصحابه فقال " اشتدوا " فكانت الهزيمة، وظاهر كلامه أن ذلك كبعد تعديد الصفوف وذهابه إلى العريش، وشروعهم فى القتال، وذكر غيره " أنه لما التقى الجمعان تناول كفا من الحصباء فرمى بها فى وجوههم وقال " شاهت الوجوه " فلم يبق مشرك إلا دخل فى عينيه ومنخريه منها شئ، فشغلهم ذلك فقتلوا وأسروا ". وروى " أنه لما التقى الجمعان قال لعلى " ناولنى قبضة من حصباء الوادى " فرمى بها وقال " شاهت الوجوه " فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا "

السابقالتالي
2