الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ }

{ إذْ } بدل ثان من إذ فى قوله { إذ يعدكم } أو بدل من إذ المبدلة من هذه، وإنما صح الإبدال وهو إبدال الشئ من الشئ فى الموضعين، مع أن كلا من وقت الوعد، ووقت الاستغاثة، ووقت الإغشاء غير الآخر لاعتبار مجموعها وقتا واحدا واسعا، وإن اعتبرت المغابرة فالإبدال إبدال إضراب انتقالى، أو وقت الوعد، ووقت الاستغاثة واحد، أو وإذ هذه مفعول لا ذكروا محذوفا مستأنفا، أو متعلق بالنصر أو باستقرار قوله { من عند الله } أو به لنيابته عن الاستقرار، أو بجعل أو بتطمئن أو بحكيم. { يغَشِّيكُم النُّعاسَ } فى يغشى ضمير الله، وهو مضارع أغشى تعدى لاثنين بالهمزة والكاف مفعول ثان، والنعاس مفعول أول، لأنه هو المجعول غاشيا، وذلك قراءة نافع والأعرج، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر والكسائى بفتح الغين وتشديد الشين، وبه قرأ عروة ابن الزبير، والحسن، وأبى رجاء، وعكرمة وغيرهم، والإعراب مثله فى ذلك، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو إذ يغشاكم النعاس بفتح الياء والشين ورفع النعاس، وبه قرأ مجاهد، وابن محيصن، وأهل مكة وإغشاءهم النعاس إدخاله عليهم وتغطيتهم به، وذلك استعارة، والنعاس النوم الخفيف يصيب الإنسان وهو قائم أو ماش. { أمنةً منهُ } أمنة مفعول لأجله بمعنى أمنا منه، أى من الله نعت أمنة، وفاعل الأمن الله، وأما فى قراءة ابن كثير وفاعلها النعاس على الإسناد المجازى وعليها فالهاء فى منه عائدة للنعاس، والأمنة من أمن المتعدى فى ذلك، وإن جعل من اللازم كان فاعله المسلمون، وفاعل الإغشاء أو التغشية الله، وفاعل الغشى فى قراءة ابن كثير النعاس، فلا يكون أمنة مفعولا لأجله على المشهور لاختلاف الفاعل، وقد يجعل فاعل الأمنة النعاس على سبيل الإسناد المجازى أيضا، فيتحد الفاعل فى قراءة ابن كثير، أو على أن من حقه أن لا يغشاهم، فلما غشيهم صار كأنه حصلت له أمنة من الله، لولاها لم يغشيهم، ويجوز تضمين يغشيكم ويغشينكم ويغشاكم معنى تنعسون، والأمنة فعل لفاعل ذلك، وهو مصدر أمن، يقال أمن أخوك، وأمنت أخاك أمنا وأمانا وأمنة، وقرأ ابن محيصن أمنة بإسكان الميم. وعن ابن مسعود، وابن عباس النعاس فى القتال أمنة من الله، وفى الصلاة وسوسة من الشيطان، وهذه نعمة عظيمة اشتد حالهم بالخوف والعطش، فألقى عليهم النوم فاستيقظوا، وقد خف عنهم ذلك، ولما ناموا ولم يصبهم العدو فى نومهم، كان ذلك قوة فيهم واجتراء عليه، وكان خفيفا بحيث لو قصدهم العدو لقاموا به وعرفوه، وهو فى ذلك الوقت خارق للعادة، ومعجزة له صلى الله عليه وسلم، كما أن إسماع أهل القليب فيما قيل كذلك، روى أنهم نعسوا حتى وقع السلاح من أيديهم. { ويُنزِّلُ عَليْكم مِن السَّماء ماءً ليُطهِّركُم بهِ } من الحدث والجنابة، وقرئ ينزل بإسكان النون بعد ضم الياء، وقرأ الشعبى ما ليطهركم، قال أبو الفتح بن جنى ما اسم موصل أى الذى للتطهير وهو الماء وهو ضعيف، وقرأ ابن المسيب بسكون الطاء { ويُذْهِبَ عنكُمْ } وقرأ عيسى بن عمرو بإسكان الباء تخفيفا { رِجْز الشَّيطانِ } وهو الجنابة لأنها من تخييله أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش، أو جميع ذلك، والرجز العذاب، وذلك عذاب منه لهم، وقرأ ابن محيصن بضم الراء، وقرأ ابن العالية بالسين.

السابقالتالي
2