الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

{ يَسْألونَك عَنِ الأنْفالِ } السؤال سؤال استخبار، فعن على أصلها والأنفال الغنائم، سميت الغنيمة نفلا بفتح النون والفاء، أو بسكون الفاء ونافلة، لأنها زيادة على القيام بالجماد، وحماية الحوزة، والدعاء إلى الله عز وجل، والنفل والنافلة لغة الزيادة، ولأنها عطية من الله، تفضل بها على هذه الأمة فقط، يقال نفله الله أو الإمام كذا، أى أعطاه إياه، وقيل لا يقال نفله إلا إذا أعطاه زائدا عن حقه. وقرأ ابن محيصن علنفال، بنقل حركة همزة أنفال إلى اللام، وحذف الهمزة وإدغام النون من عن فى اللام، وقع اختلاف من المسلمين فى غنائم بدر كيف تقسم؟ ولمن الحكم فى قسمها للمهاجرين أم للأنصار أم لهم جميعا؟ فجعلوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال { يسألونك عن الأنفال } وقال جوابا لهم { قُل الأنْفالُ للهِ والرَّسولِ } أمرها مختص بهما، فقسمتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على ما يأمره الله به، فإن شاء قسمها، وإن شاء أمر من يقسم، هذا ما يتبين لى فى تفسير الآية، وعليه الأكثر، وقيل السؤال سؤال طلب، " فعن " إما زائدة مع أنها غير عرض عن أخرى، أى يطلبونك أن تعطيهم الأنفال، فالأنفال مفعول ثان ليسألونك، ويدل لهذا قراءة ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وعلى ابن الحسن، وأبى جعفر محمد بن على، وجعفر بن محمد، وطلحة بن مصرف، وعكرمة، والضحاك، وعطاء يسألونك الأنفال، وأل لاستغراق غنائم بدر على أنها طلبوها كلها، وللحقيقة على أنهم طلبوا بعضها، وإما بمعنى من الابتدائية فافهم، أو التبعضية وذلك أنهم افترقوا ثلاثا فرقة أقامت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العريش الذى صنع له، تحميه وتؤنسه، وفرقة احاطت بالعدو، وفرقة تقاتل فقتلت وأسرت، وقالت نحن أولى بالمغنم لأنا القاتلون الآسرون، وقالت المحيطة هو لنا لأنا الآخذون والمحيطون بالعدو، وقالت القائمة بالعريش نقدر أن نقاتل العدو، ولكن خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم غرة العدو فقمنا معه، فنزلت الآية. وذكر الطبرى وغيره، عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرض على العدو قبل ذلك بقوله " من قتل قتيلا فله كذا، ومن أسر أسيرا فله كذا، ومن أتى مكان كذا فله كذا، ومن صنع كذا فله كذا، ومن أخذ شيئا فهو له، وأن الله وعدنى النصر والغنيمة " فسارع الشبان فقتلوا سبعين وأسروا سبعين، وبقيت الشيوخ تحت الرايات والوجوه، فقالت الشبان الغنيمة لنا لذلك، وقالت الشيوخ والوجوه كنا ردءًا لكم وجنَّة تنحازون إليها لو انهزمتم، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو اليسر بن عمرو الأنصارى من بنى سلمة أنجز لنا الوعد، قد قتلنا وأسرنا وفعلنا، فقال سعيد بن معاذ، وكان من وجوه مَنْ قعدوا بالعريش ما منعنا أن نفعل ذلك زهد عن الآخرة، ولا حين، ولكن كرهنا أن تعطف الخيل فتصيبك والمسلمين، فأعرض عنهما، فقال سعد إن أعطيتهم ذلك فما لسائر أصحابك، فان المغنم قليل فنزلت، فقسم على السواء فكان قسمه على السواء إصلاحا لما ساء من أخلاقهم فيه، وتقوى وإصلاحا لذات البين.

السابقالتالي
2 3 4 5