الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

{ إِنَّا أنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } هو عذاب الآخرة وكل ما هو آت قريب بل كأنه حاضر لوقوعه ولا محالة وأيضا مبدأه الموت والخطاب لكفار مكة أو للكفار مطلقا وموت الكافر أشد عذابا ويعذب في قبره على الصحيح عندي وقيل الخطاب للناس كلهم. * { يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } من خير أو شر فتظهر السعادة للسعيد والشقاوة للشقي بعد ظهورهما عند الموت ونظره رؤيته في صحيفته أو كناية عن حضوره للجزاء به واليدان كنى بهما عن سائر الأركان ولو عن القلب وما ذلك إلا لأن معظم العمل باليدين، وقيل المراد بالمرء الكافر الظاهر قوله { إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ } فذكر الكافر بعد ذلك أن أريد به الجنس وضع الظاهر موضع المضمر للذم باسم الكفر. وقال قتادة المرء المؤمن وما موصولة مفعول لينظر أو استفهامية مفعول لقدمت وعليه فجملة قدمت يداه مفعول ينظر علق بالاستفهام ويوم متعلق بعذاب وعنه صلى الله عليه وسلم أول ما يدعى إلى الحساب يوم القيامة البهائم فتجعل الجماء قرناء والقرناء جماء فتقتنص الجماء من القرناء ثم يقال لها كوني ترابا فيتمنى الكافر أن يكون ترابا مثلها كما قال * { وَيَقُولُ الكَافِرُ } لما رأي من الهول والمراد جنس الكافر * { يَا } حرف تنبيه أو حرف نداء والمنادى محذوف. { لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً } كما كانت البهائم فأنجوا من العذاب، وعن ابن عمر تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم فتحشر الدواب والبهائم والوحوش فذكر ما مر وروي أنه سبحانه وتعالى يقول للبهائم بعد القصاص إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى ما كنتم عليه كونوا ترابا، وقيل يقول الله لما عدا الإنس والجن والملائكة بعدما يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار كونوا ترابا فيقول الكافر ما ذكر وقيل إن الكافر إذا رأى ما أنعم الله به على المؤمنين تمنى أن يكون متواضعا لله كالتراب لا جبارا متكبرا وقيل الكافر إبليس يرى آدم وولده وثوابهم فيتمنى أن يكون شيئا أحقر وهو التراب إذ قالخلقتني من نار وخلقته من طين } قال أبو هريرة يقول التراب لا ولا كرامة لك من جعلك مثلي، وقيل المعنى أن الكفار يتمنون أنه لم يخلقوا ولم يكلفوا وكانوا ترابا في الدنيا وأنكر جماعة حشر الدواب بأنواعها غير الجن والإنس وأنكر بعضهم وعودها ترابا وعن بعضهم إذا تقاصصت جعل ما كان حسنا منها ثوابا لأهل الجنة وما كان قبيح الصورة عقابا لأهل النار وصحح بعضهم الوقف حتى يصح النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم بحق هذا النبي علينا صلى الله عليه وسلم وحق السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.