الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ وأَمْطَرنا عَليهم مَطراً } نكر للتعظيم وهو حجارة معجونة بالكبريت والنار، رجموا بها، ووصلتهم بإذن الله بعد قلب الأرض بهم، أو قلبت الأرض بهم ورجم بها من كان خارج القرية أو القرى من مسافر فى بر أو بحر، وغير مسافر كطالب الحشيش أو الكلأ قال أبو عبيدة المذكور يقال فى العذاب أمطر، وفى الرحمة مطر، والصحيح أنهما فى الخير والشر جميعا، ويقال أيضا مطره بدون همزة بمعنى أصابه بمطر، وأمطرته بالهمزة أرسلته كالمطر، وأمطرت عليه أرسلت عليه، ومن أمطر فى الخبر " هذا عارض ممطرنا " لأنه ظنوه سحابة ماء يرحمون بها، نعم الأكثر فى أمطر أن يكون فى الشر. { فانْظُر كَيفَ كانَ عاقبةُ المجْرمينَ } المشركين، كانت تدميرا عليهم وتصبيرا إلى النار، وجملة كان واسمها الذى هو عاقبة، وخبرها الذى هو كيف مفعول لانظروا، وإنما كان مفعوله جملة للاستفهام، وذلك نوع من التعليق، وجاز كان مع اسمه مؤنث لأنه ظاهر مجازى التأنيث. قال فى عرائس القرآن إن لوطا هو بن هارون بن تاريخ، وهو ابن أخى إبراهيم، فإبراهيم عمه، وروى لوط بن هاران وليس هارون المذكور أخا موسى، فإنه متأخر عن لوط، وسمى لوطا لأن حُبَّه لاط بقلب إبراهيم أى التصق به وتعلق، وكان إبراهيم يحبه حبا شديدا، يقال الولد البر ألوط بالقلب، وهاجر لوط مع عمه إبراهيم عليهما السلام من بابل إلى الشام ومعهما سادة، اسمه سنان بن علوان بن عبيد بن خوخ بن عملاق بن لاود بن سام ابن نوح، فخرجوا حتى وصلوا أرض الشام. فنزل إبراهيم فلسطين، ونزل لوط الأردن بضم الهمزة واسكان الراء وضم الدال وتشديد النون، وهى بأعلى الشام، فأرسله الله إلى سدوم وما يليها، وكانوا أهل كفر وفواحش، وكانوا يتناكحون فى مجالسهم وطرقهم ويتضارطون فيها، ويرمون من مر بهم بالحصى، ونهاهم عن ذلك وأمرهم بالإيمان والطاعة، وأوعدهم على ما هم عليه إن لم يتوبوا فزادهم ذلك عتواً، واستعجلوا العذاب تكذيبا، فبعث الله جبريل وميكائيل وإسرافيل لإهلاكهم وتبشير إبراهيم بإسحاق، وأخبروه قوم لوط، ووصلوا سدوم فلقوا لوطا فى أرض له يعمل فيها رواه قتادة. وعن حذيفة أن الله تعالى قال للملائكة لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطا أربع شهادات، فأتوه فقالوا إنا مضيفوك الليلة، فانطلق بهم، فلما مشى ساعة التفت إليهم وقال أو ما بلغكم أمر هذه القرية؟ قالوا وأما أمرهم؟ قال أشهد بالله إنها لشر قرية فى الأرض، ولا أعلم على الأرض ناسا أخبث منهم، قال ذلك أربع مرات، ويأتى كلام فىإنا مهلكوا أهل هذه القرية } وعن السدى لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط، بلغوها نصف النهار، ولما بلغوا نهر سدوم ولقلوا ابنة لوط تسقى، وكان له بنتان اسم الكبرى ربتا والأخرى عربتا، فقالوا لها يا جارية هل منزل؟ قالت نعم مكانكم لا تبرحوا حتى آتيكم، خافت عليهم قومها، فأنت أباها فقالت يا أبتاه أدرك فتيانا على باب المدينة، ما رأيت قط وجوها أحسن من وجوههم لئلا يأخذهم قومك فيفضحوك، وقد نهوه أن يضيف الرجال، فجاء بهم إلى منزله ولم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته، فخرجت امرأته فأخبرت قومها إن فى بيت لوط رجالا ما رأيت مثلهم.

السابقالتالي
2 3