الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

{ واذْكُروا إذْ جَعَلكم خُلفاءَ مِن بَعْد عَادٍ } فيه ما مرّ والخلفاء فيهما جمع أو خليف { وبَوَّأكم } أسكنكم ومكنكم { فى الأرْض } أرض الحجر بين الشام والحجاز { تتَّخذونَ مِنْ سُهولها } جمع سهل { قُصوراً } أى تبنون قصورا من المواضع السهلة بعمل اللبن والآجر منها، أو من بمعنى فى، أى تتخذون فى سهولها قصورا، والقصور الدور، سميت قصورا لأنها مقصورة فى مواضعها لا كبيوت العمود تنتقل، ولأنها قصرت عن الناس قصرا تاما. { وتنْحِتونَ } وقرأ الحسن بفتح الحاء، وقرأ ابن مصرف بالمثناة التحتية وكسر الحاء، وقرأ أبو مالك بالتحتية وفتح الحاء، وعن الحسن أيضا تنحاتون بالفوقية والفتح وألف الإشباع، والنحت النجر والقشر فى الشىء الصلب كالحجر والعود { الجِبالَ } مفعول به { بيُوتاً } حال قدرة، أى تقشرون الجبال منوية أن تكون بيوتا، أو مفعول ثان على أن تنحتون مضمن معنى تتخذون، أو الجبال على تقدير من، أى تنحتون بيوتا من الجبال أى تكسرها من الجبال بعملها فى الجبال أو بقلع الحجر وإصلاحه والبناء به فى السهل، لما رأوا الأجر واللبن تتفتت وتنهدم لطول أعمارهم، وقيل يسكنون السهل فى الصيف والجبال فى الشتاء، فهم متنعمون مترفهون. { فاذْكُروا آلاءَ الله } نعمة بالشكر عليها { ولا تعْثَوا } مضارع عثى بكسر الثاء كرضى، وقرأ الأعمش بكسر الثاء الأولى، ومعنى عثى من باب رضى وعلم، وعثى باب رضى وضرب، وعثا من باب دعا ونصر أفسد، وقيل أفسد أشد الفساد، والمراد النهى عن كل إفساد فى الناقة أو غيرها وهو الصحيح، وقيل المراد قتلها { فى الأرْض مُفْسدينَ } حال مؤكدة لعاملها، وقول الحسن لا تكونوا فى الأرض مفسدين، وقول قتادة لا تسيروا فى الأرض مفسدين غير منظور فيهما إلى لفظ لا تعثوا، بل تفسير بما تقبله الشريعة من غير نظر إلى اللغة، فإن عثى بلغاته لا يكون بمعنى صار ولا بمعنى كان.