الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

{ وهُو الَّذى يُرسل الرِّياحَ } وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائى الريح بالإفراد، والرياح بالجمع حيث وقع فى القرآن، فهو مقرون بالرحمة كقولهومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات } وأرسلنا الرياح لواقح } والريح بالإفراد حيث وقع مقرون بالعذاب غالباً كقولهوفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ } حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان إذا هبت الريح يقول " اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحاً ". وذلك أن ريح الرحمة تجىء من هاهنا وهاهنا لينة متغايرة المهب، فيحسن تسميتها رياحاً، وريح العذاب تجىء من جهة واحدة جسما واحداً شديد المر، فهى ريح واحد، ولذلك لما أفردت فىوجرين بهم بريح طيبة } وصفت بالطيب إزالة لتنوهم العذاب، وكذلك ريح سليمان لما أفردت أوصفت بالرخاء، وإفرادها فى الموضعين أليق بالسفينة، ومن حملت من سليمان وغيره تجىء من جهة واحدة لئلا تعطل، ووجه الإفراد فى هذه الآية إرادة الجنس، ووصفه بالنشر يزيل التوهم. وعن ابن عمر الريح أربعة رحمة النشر، والمبشرات والمرسلات، والذاريات، وأربعة عذاب القاصف والعاصف والصرصر والعقيم، ويكتب { وهو الذى يرسل الرياح } إلى { يشكرون } فى وعاء من شجر الزيتون بماء التفاح وماء العنب وزعفران، ويمحى بماء العنب أيضا، ويجعل منه فى أصل الشجر قليل، ويكبُّ فوقه الماء القراح، فتحفظ بإذن الله من الدود والنمل، والعفن والجراد، والفار والطير، ويحسن أصلها وثمرها { نشراً } وفى قراءة { بُشراً } بالباء وقراء ابن عامر بإسكان الشين تخفيفاً حيث وقع، وهو جمع نشور كرسول ورسل حال من الرياح، وكذا فى قراءة ابن كثير الريح بالإفراد، لأن المراد الجنس، وقرأ الكسائى وحمزة بفتح النون وإسكان الشين حيث وقع على أنه مصدر وقع حالا مبالغة، أو بتقديره يناشره، أو بذات نشر أو مفعولا مطلقا كقعدت جلوسا، فإن الإرسال والنشر متقاربان، وعلى الحالين، فصاحب الحال الريح على أنه من النشر القاصر، وضمير يرسل على أنه من المتعدى وهو خلاف طى الشىء، ويصح أن يكون على التعدى صاحبها الريح على التأويل بمنشور. وهذه الأوجه فى الحالية تأتى أيضا إذا فسر بالنشر الذى هو الحياة أو الأحياء، وكذا قرأ ابن مسعود وابن عباس وطلحة والأعمش ومسروق وغيرهم، وقيل عن مسروق إنه قرأ بكسر النون وسكون الشين بمعنى منشورة كالنقض بمعنى المنقوض، وقال أبو الفتح عنه نشراً بفتحهما وهو مصدر، أى ذات نشر أو ناشرات من النشر بفتحهما الذى هو أن تنشر الغنم بالليل فترعى تشبه السحاب فى انتشاره بها. وعن مسروق أيضا وابن عباس وابن أبى عبلة بشراً بباء موحدة مضمومة وضم الشين جمع بشير، وقرأ عاصم بموحدة مضمومة وإسكان الشين تخفيفا، وعنه بموحدة مفتوحة وإسكان الشين على المصدرية وهو حال مبالغة، أو يؤولوا بباشرات أو ذوات بشر، وقرأ محمد بن السميفع بشرى بضم الوحدة وإسكان الشين، وبألف التأنيث وهو أيضا مصدر، وإعرابه كالذى قبله.

السابقالتالي
2 3