الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ إنَّ ربَّكم اللهُ الذِى خَلَق السَّماوات والأرضَ فى ستَّةِ أيَّامٍ } أى فى ستة أوقات، أو فى مقدار ستة أيام من أيام الدنيا، والأول أنسب وأتم حينئذ، وقال الجمهور كل يوم ألف سنة، وهو قادر على خلقهن فى أقل من لحظة تعليما لخلقه التثبت، والثانى فى الأمور، ولأن خلق شىء فشىء أبلغ فى القدرة والدلالة، وأنفى لما قد يخطر بالبال لو خلق دفعة من أن ذلك وقع على سبيل الاتفاق، ولأنه أراد أن يخلق كل يوم شيئا تستعظمه الملائكة وغيرها ممن شاهد إن كان معهم سواهم، وإن قلنا التعجل فى الخلق أبلغ فى القدرة، فالتثبيت أبلغ فى الحكمة فأظهره فى خلق ما شاء فى كل يوم على حدة، كما أظهر قدرته فى خلقها بكن، فإن خلقه لها ليس بمعالجة كمعالجة البنَّاء والطيَّان، بل أراد وجوداً فوجدت لا على مثال سبق، فإن الخلق إيجاد بلا قياس إلى موجود، وهذا هو المراد، ويستعمل فى اللغة بمعنى التقدير المستقيم وقيل هو الأصل. وروى مسلم أن الله خلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين، والظلمات يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم بعد العصر من يوم الجمعة، وليس بصحيح عنه صلى الله عليه وسلم لمخالفته هذه الآية، وقولهولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام } لأن فيه سبعة أيام، والجواب أنه خلق التربة يوم السبت من غير أن يخلقها أرضا، وهو جواب ضعيف، وسمى يوم السبت لأنه قطع فيه بعض الخلق أى أوجده، والسبت القطع. والصحيح قول عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار أن الله ابتدأ الخلق يوم الأحد، وختمه يوم الجمعة، فأول الأيام الأحد، وآخرها السبت، سمى لانقطاع الخلق عنه فاختاره اليهود للراحة، وسمى يوم الجمعة لتمام الخلق فيه واجتماعه، وسائر الأيام على ترتيبه فى الوجود واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة، وقيل خلق التربة يوم الأحد والاثنين، والسماوات فى الثلاثاء والأربعاء، وبسط الأرض وأخرج ماءها ومرعاها، وخلق دوابها ووحشها وما فيها فى الخميس والجمعة، وخلق آدم آخر الخلق فى آخر الساعة الأخيرة من الجمعة. وقيل خلق التربة فى يوم الأحد، والسماوات فى الاثنين والثلاثاء، وبسط الأرض وخلق ما فيها فى الخميس، وآدم فى الجمعة وأهبطه، وجرى فى آخر ساعاتها. وقيل أول ما خلق بعد نور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، القلم، ثم اللوح، وأثبت فيه ما يكون، ثم الظلمة والنور، ثم العرش ثم الكرسى من درة بيضاء، ثم التربة، ثم السماوات والنجم والشمس والقمر، ثم مد الأرض من التربة، ثم خلق ما فيها. وذكر ثابت السرقسطى أن الله خلق التربة يوم السبت، وذكره مكى أيضا، وفى عرائس القرآن أن الله سبحانه خلق جوهرة خضراء أضعاف طباق السماوات والأرض، ثم نظر إليها نظر هيبة أى وجه إليها الهيبة فصارت ماء، ثم نظر إلى الماء يعنى النظر المذكور مفسراً فعلا، وارتفع منه زبد ودخان، وارتعد من خشية الله، فمن ثم يرعد الماء إلى يوم القيامة، وخلق من ذلك الدخان السماء، وخلق من ذلك الزبد الأرض، فأول ما ظهر منها على الماء أرض مكة، بسط الأرض من تحتها وفتقها سبعا، وبعث ملكا من تحت العرش فهبط إلى الأرض السابعة فوضعها على عاتقه، إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب قابضتان على سائر الأرضين، وكانت الأرض تتكفأ على الماء كالسفينة، وأرساها بالجبال، وعن على أنها تحركت وضجت يا رب يعمل بنو آدم على الخطايا، وخلق الجبال وأرساها بها، وبين كل أرض وأخرى خمسمائة عام، وغلظ كل أرض كذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10