الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

{ هَلْ ينْظُرونَ } ينتظرون { إلاَّ تأويلَهُ } ما يؤل إليه أمره من تبيين صدقه بظهور ما فيه من الوعد والوعيد، وقد تبين لهم موقعة بدر وفتح مكة وسائر القرى، ومسيرون يوم القيامة فالتأويل بلوغ المال، والعاقبة من آل يؤول وقد قال ابن عباس تأويله ماله يوم القيامة، وقيل التأويل بلوغ أوله، أى أهل ينظرون إلا بلوغ ما جاء به أولا وابتداء من وعده ووعيده، وقيل هل ينظرون إلا أولى وجوهه وأحسنها لأنفسهم بأن قالوا إن وعده لنا كما خصنا بنعم فى الدنيا أو أولاها بالقصد، وهو الوعد والوعيد، ورد الله عز وجل عليهم بأنه إذا جاء تأويله قطع عذرهم ولم يراجعوا خيرا، ويقرون حيث لا ينفع الإقرار إذ قال { يَوْم } متعلق بيقول وهو يوم القيامة { يأتى تأويله يقُولُ الَّذين نَسُوهُ } أى الكتاب { مِن قَبلُ } الأصل يقولون، فوضع الظاهر تشنيعا عليهم بنسيان مالا يحسن نسيانه والنقلة عنه، ونسيانه ترك الإيمان به، أو العمل به، وهذا يحسن كون النسيان المتقدم بمعنى الترك فيما قيل. { قَدْ جاءتْ رسُلُ ربِّنا بالحقِّ } كل يؤمن يومئذ بنبيه ونبى غيره، وكل نبى مرسل قد أخبر عن غيره من الأنبياء، أى تبين الآن أن ما جاءت به الرسل فى الدنيا حق { فَهَل لَنا مِنْ شُفعاءَ فيشْفَعوا لنا } بالنصب فى جواب الاستفهام { أو نُردُّ } معطوف على لنا من شفعاء المتسلط، عليه الاستفهام، فالاستفهام متسلط عليه أيضا ولذلك أعقبه بجواب منصوب إذ قال { فَنعْمل } كأنه قيل أو هل نرد إلى الدنيا فنعمل { غَيرَ الَّذى كنَّا نعْملُ } نبدل الكفر والمعصية بالإيمان والطاعة، ولو ردوا لعادوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والمعصية فى الدنيا باختيارهم السابق علم الله، وقرأ ابن أبى إسحاق، وأبو حيوة بنصب نرد عطفا على يشفعوا، أى فيشفعوا لنا بدخول الجنة، أو نرد إلى الدنيا بشفاعتهم فنعمل ما ينبغى، أو بمعنى حتى، أو كى يدومون فى الاستشفاع حتى نرد، أو يشفعوا لنا فى الرد كى نرد، فيكونون قد طلبوا الرد فقط، وعلى هذه القراءة فنصب نعمل بالعطف على نرد، وقرأ الحسن برفع نرد ونعمل بعطف نرد على لنا من شفعاء، واستئناف نعمل أى فنحن نعمل، والمشهور عنه نصب نرد على أحد الأوجه، ورفع نعمل على الاستئناف. { قَدْ خَسِرُوا أنفُسَهم } بالكفر والمعاصى { وَضَلَّ } غاب وبطل ولم ينفع، وما لم ينفع فهو كنائب غير حاضر { عنْهم ما كانوا يفْترُونَ } من أن الأصنام تشفع لهم، وأن لهم خير الآخرة إن كانت كما كان لهم فى الدنيا.