الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَـٰهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَٰتِنَا يَجْحَدُونَ }

{ الَّذين } نعت أو ذم { اتَّخذوا دِينَهم لَهواً وَلعباً } أى اتخذوا دين الله لهواً ولعباً، وأضيف إليهم لأنه واجب عليهم، ومكلفون به، وذلك أنهم يسخرون من الداعى إليه، ويهزءون به، ويتصرفون معه تصرف المشتغل بما لا ينفعه من قول أو فعل، وعن ابن عباس هم المستهزئون الذين جعلوا القرآن عضين، وقيل المعنى الذين اتخذوا لأنفسهم دينا هو لعب ولهو، كتحريم البحيرة، والتصدية حول البيت، وقيل الدّين العيد يلهون فيه ويلعبون ولا يذكرون الله، واللهو طرح الهم لا يحسن أن يطرح به، واللعب جلب الفرح بما لا يحسن أن يجلب به. { وغرَّتهم } خدعتهم { الحياة الدُّنيا } بنفع لا يدوم ولا يتخلص من كدورة عن النفع الدائم المتخلص عنه، العظيم الذى لا يشبهه نفع، ويجوز أن يكون من الغر بمعنى ملء الفم أى أشبعتهم وأبطرتهم، وذلك من كلام أهل الجنة، قيل أو من كلام الله. { فَاليوم } يوم القيامة الحاضر، وهذا من كلام الله { نَنْساهُم } نفعل بهم فعل إنسان نسى آخر كعبده فى ضر، فتركهم فى النار عطاشا جياعا { كما نسُوا لقاءَ يومِهم هذا } كما فعلوا بلقاء هذا اليوم فعل الناسين، فلم يستعدوا له، وقد علموا أنه آتٍ لا بد، وكما لم يخطر ببالهم وإن ذكروا به نسوه، لأنهم لا يؤمنون به، فالنسيان فى الموضعين بمعنى التناسى أو الترك، أو الأول بمعنى أحدهما، والثانى على أصله فعبر أولا به على المناسبة. { ومَا كانُوا بآياتنا يجْحدُونَ } ما فى الموضعين مصدرية، أى كنسيانهم لقاء يوم القيامة، وجحدهم أن تكون الآيات منا، أو أجيز كون ما الثانية صلة، وكانوا مستأنف أو معطوف على غرتهم الحياة الدنيا، وعلى نسوا، وهذا دليل على أن المراد بالكافرين المشركون والمنافقون الذين أسروا الشرك لا المشركون والمنافقون مطلقا فإن الموحد صاحب الكبائر لا يجحد الآيات إن أن تجعل ما نافية، أى وما كانوا كلهم مشركين، بل بعضهم مشرك وبعض منافق أسر شركا، وبعض منافق موحد.