الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ } * { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ }

{ الَّذينَ يصُدُّون } يعرضون أو يمنعون الناس { عَنْ سَبيلِ اللهِ } وهو الإسلام والطاعة، والذين نعت للظالمين، أو لمنعوت الظالمين، أو خبر لمحذوف على الذم أو مفعول لمحذوف على الذم. { وتبْغُونها } أى سبيل الله، فإن السبيل يؤنث ويذكر، والتأنيث أكثر { عِوجاً } حال أى معوجة، أو ذات عوج، وصاحب الحال ضمير النصب، أو معوجين، أو ذوى عوج، فصاحبه ضمير الرفع، أو مفعول مسرح ليبغى، على أن المتصل به فى تقدير المقيد، الأصل يبغون لها عوجا، أى يطلبونه، وعلى كل حال فالمعنى أنهم حاولوا أن يبدلوا دين الله، وقيل طلبوا سبيل الله بالعمل لغيره، وتنظيم غيره كالصلاة والذبح للأصنام، والعوج بكسر العين فى المعانى والأعيان غير المنتصبة، وبفتحها فى المنتصبة كالحوائط والرمح. { وهم بالآخرة كافرون * وبيْنَهما } بين الفريقين لئلا يقتبس الكافر من نور المؤمن، أو بين الجنة والنار لئلا يصل أثر أحدهما إلى الآخر { حِجابٌ } ستر وهو السور فى سورة الحديد. { وعَلى الأعْرافِ } أى الأعالى من ذلك الحجاب، أو أل عوض عن الضمير أى أعاليه، جمع عرف مستعار من عرف الديك لارتفاعه على ما سواه من جسده، أو من عرف الفرس، وقيل العرف كلما ارتفع من الأرض، وقيل ما ارتفع من الأرض وغيرها، فإنه يكون بظهوره أعرف من غيره، وعن ابن عباس الأعراف تل بين الجنة والنار، وقال السدى سمى ذلك الموضع بذلك لأن أصحابه يعرفون الناس، قيل وهذه عجمة. وعن السدى وابن عباس الأعراف الشىء المفرط، وعنه أنه هو نفس الحجاب المذكور الذى هو السور المذكور فى سورة الحديد، وقيل هو أحد أو أعاليه ينقل إلى ذلك المقام، قال صلى الله عليه وسلم " إن أحداً نحبنا ونحبه وإنه يمثل يوم القيامة بين الجنة والنار يحتبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم هم إن شاء الله من أهل الجنة وإن أحداً على ركن من أركان الجنة ". { رجالٌ } سعداء يحبسون عليه بين الجنة والنار عقابا لهم لكثرة تلذذهم بالمعاصى، وقلة عبادتهم، غير أنهم ماتوا على التوبة، هذا ما ظهر، وعن حذيفة، وابن مسعود، وابن جبير، والضحاك قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، والميزان يرجح بمثقال ذرة، ولم يرجح لهم وقد ماتوا على خير فيدخلون الجنة بعد القضاء بين الخلق، فلسعادتهم وموتهم تائبين استحقوا الجنة، ومحيت سيئاتهم بحسناتهم، وحبسوا بعدم زيادة حسناتهم، فلا إشكال ولو استشكله أو ستة، ولا ينافى هذا كون سيئاتهم تبدل حسنات، لأن أثر هذا الإبدال فى الدرجات، أو لأن معنى الإبدال توفيقه إلى عمل الحسنات بدل السيئات. ويقول حذيفة قال ابن عباس، وقالا إن الله يأمر بهم إلى عين الحياة، وحافتاه قضبان الذهب مكللة باللؤلؤ، ترابه المسك، يلقون فيه فتلمح ألوانهم وتبدو فى نحورهم شامة بيضاء، يعرفون بها، ويقال لهم تمنوا ما شئتم، فيتمنوا حتى تنقطع أمنيتهم، فيقال لهم ذلك وسبعون ضعفا بالموحدة، ويدخلون الجنة، ويعرفون بتلك الشامة، ويسمون مساكين أهل الجنة، وذلك بعد أن يستشفعوا الأنبياء فلا يشفعون، فيشفع فيهم نبينا.

السابقالتالي
2 3