الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ }

{ إنَّ الَّذينَ كذَّبوا بآياتِنا واسْتكبرُوا عَنْها } عن الإيمان بها { لا تُفتَّح لهم أبوابُ السَّماءِ } بالفوقية والبناء للمفعول والتشديد، ووجه التشديد فى كثرة الأبواب، أو المبالغة الراجعة للنفى، أى انتفى انتفاء بليغا فتح الأبواب لهم، أى المبالغة فى المنفى، أى ليس لهم الفتح العظيم للأبواب كما هو للمؤمنين، ولا يلزم من هذا أن يكون لهم فتح صغير، وهذا كما يقول المفتخر الذى عنده جنان تشتمل على مائة نخلة لمن لا نخلة له ليس لك جنات تشتمل على مائة نخلة، وسهل ذلك أن ذلك الضعيف قد ظهر أنه ليس عنده ذلك، وقد ظهر أن الكافر لا فتح له أصلا، والمعنى أنه لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا بل تستفتح لهم فلا تفتح وترد إلى سجين، كما تفتح لروح المؤمن إلى السماء السابعة وإلى عليين، تصعد خبيثة منتنة وترجع كذلك، ولا تمر بملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقال فلان ابن فلان بأقبح أسمائه كما فى حديث. وقيل لا يصعد بها أصلا، ولا تفتح لأعمالهم وأقوالهم ودعائهم، إنما يصعد إلى الله الكلم الطيب والعمل الصالح، ولا تفتح لتزول البركة عليهم والخير، ولا لدخول الجنة، فإنها فى السماء، وتفتح الأبواب لروح المؤمن حتى تصل السماء السابعة، فتصلى عليها الملائكة المقربون وقرأ أبو عمرو لا تفتح بضم التاء الأولى وإسكان الفاء، وفتح الثانية مخففة، وقرأ حمزة لا يفتح بالمثناة التحتية مع البناء للمفعول، والتخفيف كذلك إبقاء للأبواب على تذكيره بدون أن يعتبرها بمعنى الجماعة أو الجملة، أو قد اعتبر ذلك فتكون مؤنثة، لكن لم يؤنث الفعل لأن الفاعل ظاهر مجازى التأنيث، وأيضا قد فصل فيجوز التذكير، ولو كان حقيقى التأنيث، وقرأ أبو حيوة لا يفتح بالتحتية والبناء للمفعول والتشديد، وقرىء لا تفتح بالفوقية والبناء للفاعل والتخفيف، ونصب الأبواب ففيه الآيات، أى لا تفتح الآيات أبواب السماء لهم، لأنهم لم يؤمنوا بها، ولو آمنوا لفتحتها لها، أى لكانت لهم سببا فى فتحها، وقرىء لا يفتح بالتحتية والبناء للفاعل والتخفيف، ونصب الأبواب أى لا يفتح الله لهم أبواب السماء. { ولا يدْخُلون الجنَّة حتَّى يَلجَ } يدخل { الجَملُ } البعير الذكر { فى سَمِّ } ثقب { الخِيَاطِ } الإبرة، وليس بداخل أبدا، فكذلك لا يدخلون الجنة أبداً، والعرب إذا أرادت استحالة شىء علقته بالمحال، وإذا أرادت وقوعه ولا بد علقته بواجب الوقوع، والخياط صفة مبالغة فى الأصل لمن كثرت منه الخياطة، وسميت بها الإبرة أو وصفت بها لكثرة الخياطة، بها، وسمى أيضا المخيط والمخياط بكسر ميمها وإسكان حائهما وفتح يائهما، والمخيط بفتحهما، وبه قرأ طلحة، وقرأ ابن مسعود المخيط بكسر الميم وفتح الياء، وما ذكرته فى تفسير الجمل هو الصحيح.

السابقالتالي
2