{ وكَم } خبرية بمعنى كثير وهى مبتدأ أو مفعول على الاشتغال، ويؤيده عطف الفعلية فى قوله { فجاءها بأسنا } كذا قيل، ويرده أنه لا يؤيده ذلك، لأن الخبر جملة فعلية فيجوز العطف عليه { مِنْ قَريةٍ أهْلكناهَا } أردنا إهلاكها أى خرابها، وأردنا إهلاك أهلها، وتقدير بعضهم كم من أهل قرية غير مقبول، لأنه لا يناسبه قوله أهلكناها إلا إن أراد أن الأصل وكم من أهل قرية أهلكناهم، فلما حذف المضاف جىء بما يناسب المضاف إليه، وقرأ ابن أبى عبلة وكم من قرية أهلكناهم فجاءهم، الخ بمراعاة المضاف بعد حذفه، وجملة أهلكناها خبر. { فجاءَها بأسُنا } عذابنا، والفاء للترتيب والاتصال على أصلها، لأن أهلكناها بمعنى أردنا إهلاكها كما مر، أو حكمنا بإهلاكها، وهما إرادة وحكم متصلان بمجىء البأس بعدهما غير الأزليين، مطلقان للأزليين، أو لأن المعنى أهلكنا أهلها بالخذلان وعدم التوفيق أو ذلك من باب القلب مبالغة فى تعلق البأس بهم، وهو مرجوح كما قال ابن هشام، والفاء للتعقيب الذكرى، وقيل هى هنا لغير الترتيب كالواو، وقال الفراء والطبرى إهلاك ومجىء البأس واحد، فإذا جاء أيهما قدم، والفاء لتفصيل المجمل بلا عطف، وقيل زائد فى خبر المبتدأ وأهلكناها صفة. { بَياتاً } مصدر وقع حالا مبالغة أو يأول ببائتين أو بتقدير مضاف أى ذوى بيات، أو مصدر نائب عن الزمان فيكون ظرفا متعلقا بمحذوف حال، أى كائنين وقت بيات، والبيات السكون ليلا، وذلك لقوم لوط أهلكوا ليلا سحراً { أو } للتنويع { هُم قائلون } الجملة معطوفة على الحال الذى هو بياتا، أو كائنين، فهى حال معطوفة، والرابط الضمير، وقيل الربط بالضمير وحده فى باب الحال غير فصيح، وأن الأصل أو وهم قائلون بواو الحال، فيكون الربط بالواو والضمير، لكن حذف الواو وهو واو الحال لكراهة اجتماع عاطفين، فإن واو الحال هى واو العطف استعيرت للوصل، وعن بعض أن هذا تكلف، والذى فى التصريح أن الحال المعطوفة لا تكون بواو أصلا. ومعنى قائلون مستريحون نصف النهار، سواء كانوا نائمين أو غير نائمين، وذلك كقوم شعيب أهلكهم الله تعالى نصف النهار، وخص الوقتان الليل والقائلة لأنهما وقتا غفلة وأمن من العذاب واستراحة، فجىء العذاب فيهما أقطع وذلك تهديد وزجر لكفار قريش وغيرهم، وتخويف أن يصيبهم لكفرهم هذا العذاب المفاجىء على غفلة وأمن منه من غير تقدم أمارة عليه، كما أصاب من اغتر قبلهم بالأمن والراحة.