الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ يا بنى آدمَ خُذُوا زِينَتكُم } لباسكم { عِنْد كلِّ مسْجدٍ } أى فى كل مسجد، وعند فى الموضعين بمعنى فى، قيل كانوا يطوفون عراة إن لم يجدوا من لم يعير لهم ثوبا من قريش، أو يطوفون فى ثيابهم ويلقونها ولا يلبسونها أبداً، وذلك إذا قدموا لطواف الحج أو العمرة، قال طاووس لم يأمرهم بالحرير والديباج، وإنما كان أحدهم يطوف عرياناً، ويصلى عرياناً، ويدع ثيابه وراء المسجد، وإن طاف وهى عليه ضرب وانتزعت منه، وقالوا لا نعبد الله فى ثياب أذنبنا فيها، وقيل تفاؤل أن ينفروا من الذنوب كما تعروا من الثياب، والمسجد واحد المساجد المعدة للصلاة. وقيل السجود مراداً به الصلاة، ففى الآية إيجاب ستر العورة فى الصلاة والطواف، وأما وجوبه فى كل حال فمن غير الآية لا منها خلافاً لمن وهم، وإنما سمى اللباس زينة لأنه يستر ما يشين وهو العورة، وقيل الزينة المشط، وقيل الطيب والسنة أن يأخذ الرجل حسن هيئته للصلاة كالسواك والطيب للجمعة، والثياب الحسنة، وكل ما وجد استحسانه فى الشريعة بلا قصد الخيلاء، وذكر مكى حديثاً أن معنى خذوا زينتكم صلوا فى النعال، قال بعضهم وما أحسبه يصح. { وكلُوا واشْربُوا ولا تُسْرفُوا } قال السدى، وابن زيد هذا نهى عما التزموه من تحريم للحم والودك، ومن تحريم ما فوق القوت تعظيما لحجهم وتوفيراً له، قال الكلبى كان ذلك من بنى عامر، فقال المسلمون نحن أحق بذلك يا رسول الله، فأمر الله أن يأكلوا اللحم والدسم وما طاب لهم، ولا يسرفوا بتحريمها، وليس الإسراف الأكل أكثر من القوت ولا الشبع لكثرة دلائل جواز الشبع، وقد ثبت فى المساكين أنهم يطعمون حتى يشبعوا، وأنه صلى الله عليه وسلم والصحابة أكلوا حتى شبعوا. وعن بعضهم كل ما شئت والبس ما شئت، واتق الله، وعن ابن عباس كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف وتحمله، ويصح تفسير الإسراف بالشبع المفرط، وتتبع الملاذ وتضييع المال كالبحيرة والسائبة والإنفاق فى المعاصى، بل هذا عندى أصح وأولى، وعن ابن عباس ليس فى الحلال إسراف، وإنما الإسراف فى ارتكاب المعاصى، قال عياض يريد فى الحلال القصد، واللفظة تقتضى النهى عن السرف مطلقا، فمن تلبس بفعل حرام فبأول تلبسه به حصل من المسرفين، وتوجه النهى عليه مثل أن يفرط الإنسان فى شراء ثياب ونحوها، ويستنفد فى ذلك جل ماله، أو يعطى ماله أجمع، وقد وقف النبى صلى الله عليه وسلم الموصى عند الثلث وقال بعض العلماء لو حطّ الناس إلى الربع، لقوله صلى الله عليه وسلم " والثلث كثير " لصح انتهى. وفى الديوان قال بعضهم إنما يوصى بالربع، وقال بعضهم بالخمس، وقيل النصف، وقيل غير ذلك.

السابقالتالي
2