الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ }

{ قالَ اهْبطُوا } خطاب آدم وحواء عليهما السلام، وإبليس أبعده الله، وقال الطبرى وأبو صالح والسدى هو لهم وللحية ولو لم تذكر، وقيل لآدم وحواء وذريتهما، وقيل لهما وذريتهما وإبليس وذريته، وضعف القولان بأن الذرية لم توجد فى ذلك الوقت، وبعد وجودها لا يتعلق بها الهبوط، لأنها توجد فى الأرض، بخلاف الأمر بنحو الصلاة لِمَ سيوجد فإنه إذا وجد مكث منه، ويجاب بأن الذرية فى ضمن آدم وإبليس، وهما مشتملان عليهما، وإنما كرر الأمر لإبليس بالهبوط تبعاً ليعلم أنه وآدم وحواء قرناء فى العداوة أبدا، فإن الذرية تابعة فى المعاداة، قال القاضى أو أخبر عما قال لهم مفرقا، قيل مكث آدم وحواء فى الجنة نصف يوم من أيام الآخرة، وهو خمسمائة عام من أعوام الدنيا، وقال الحسن ساعة من النهار وهى مائة سنة، وقيل مكثا ثلاثة وأربعين عاما من أعوام الدنيا، وقيل بعض يوم من أيام الدنيا وهو ساعة من يوم الجمعة، وذكر بعض أن الطاووس خرج من الجنة أيضا، وأن له سببا فى دخول إبليس الجنة وخروج آدم منها. { بعضُكم لبعضٍ عدوٌّ } الجملة حال مربوطة بالضمير وحده، وذلك فصيح لا ضعف فيه على الصحيح، ولو كان الربط به مع واو الحال أفصح وأقوى، وعدو هنا مفرد لم يرد به الجماعة، لأن المعنى الواحد معاد للآخر، وسها من قال إنه هنا بمعنى الجماعة، وإن قلت ليس آدم معاديا لحواء، ولا حواء معادية له، ولا ذريتهما معادية لهما، ولا معاداة بين الحية وإبليس؟ قلت ليس المراد أن كل واحد عدو للآخر، بل المراد أن العداوة ثابتة فى الجملة بين الأبعاض، فإن آدم معاد لإبليس، وحواء معادية له أيضا، وهو معاد لها ومعادٍ له أيضا، وآدم معاد للحية، وحواء معادية لها أيضا، والحية معادية له ولها أيضا، وذلك حكم على المجموع، وقد يوجه القول أن عدواً هنا بمعنى الجماعة، بأن الحال مقدرة، وأن المعنى اهبطوا مقدرة العداوة بين ذريتكم، والأولى ما ذكرته. وهكذا أذكر مذهبى فى المعنى والإعراب وغيره، وأذكر مذهب غيرى، ولو شئت والحمد لله لفسرت القرآن كله بما يظهر لفكرى وأقتصر عليه، فلا يرى من توغل فى المعقول والمنقول معا أحسن منه، ولكنى أقصد الاحتياط، فذكرت ما ظهر لى وما ظهر لغيرى، وربما اقتصرت على ما ظهر لغيرى لأكون من أهل الدرجة الوسطى فى التفسير، فإن أهله ثلاثة أقسام الأول من يغوص بفكره ويقتصر على قوله. والثانى من يذكر قوله وقول غيره. والثالث من يقتصر على قول غيره، ويسمى ناقلا. أما نحن فمعادون إبليس وهو وأولاده معادون لنا فى أمر الدنيا والآخرة، حتى أنهم ليسرهم عثرة يعثرها المؤمن، أو شوكة يشاكها حنقاً عليه وطمعا أن يسخط قدر الله أو يحزن فيشتغل عن العبادة، وأما الحية فقد قال صلى الله عليه وسلم فيهن

السابقالتالي
2