الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ فَلمَّا آتاهُما } أى آدم وحواء { صَالحاً } كما أرادا وكان ذكرا { جَعَلا } أى آدم وحواء { لَهُ } أى لله { شُركاءَ } أى شركة { فِيما آتاهُما } متعلق بجعلا أو بشركاء، وفى ظرفية أو سببية، وقرأ أبىّ شركاء فيه، وكذا فى مصحفه، وهذه الشركة هى اتباعهما إبليس فى قوله سمياه عبد الحارث، وكان اسم إبليس فى الملائكة الحارث، أو هى إضافته للحارث لا إشراك فى العبادة، وسمى ذلك شركا بالنظر إلى اللغة إذ اتبعناه كما يتبعان أمر الله، وأضافاه للحارث كما تضاف الأشياء لله، وفى ذلك تلويح بعتابهما على ذلك، أو بالنظر إلى علو مرتبتهما، حتى يعد ذلك إشراكا مع أنه ليس بإشراك، ولا سيما أن آدم نبى، وإنما أراد بتسميته عبد الحارث أنه كان سبب حياته، وسلامة أمة الحارث والإضافة تكون لأدنى ملابسة. وقد قال يوسف فى العزيز { إنه ربى } وأراد إنه مربينى وكافلى لا معبودى، وتقول أنا عبد فلان تريد أنك تخدمه وتقوم بحقه، لا أنه معبودك فعوتبا على التسمية بما يوهم الشرك، وعلى النظر إلى السبب، وقد فسر أبو عبيدة الشرك هنا بالحظ والنصيب. روى أن حواء لما حملت أول حمل لم تدر ما هو كما قرئ فمرت به بتخفيف الراء فجزعت لذلك، فوجد إبليس لها سبيلا فقال لها حين أثقلت ما يدريك ما فى جوفك؟ لعله خنزير أو حية أو بهيمة أو كلب أو حمار، وروى أنه قال بها ما الذى فى بطنك؟ فقالت ما أدرى، قال إنى أخاف أن يكون بهيمة أو كلبا أو خنزيرا أترين فى الأرض إلا بهيمة أو نحوها، قالت إنى أخاف بعض ذلك، وكان فى صورة رجل لا تعرفه، فقال وما يدريك من أين يخرج؟ أينشق له بطنك فتموتى أو من فيك أو أنفك؟ ولكن إن أطعتينى وسميتيه عبد الحارث فسأخلصه لك، وأجعله بشرا مثلك، فان لم تفعلى قتلته لك. فأخبرت آدم فقال لها ذلك صاحبنا الذى أغوانا فى الجنة، لا نطيعه، وقيل قال لها ما يدريك ما هو؟ ومن أين يخرج؟ خافت وذكرت لآدم فلم يُرَ إلا فى غم، ثم عاد إليها إبليس فقال لها إنى من الله بمنزلة، فإن دعوت الله أن يجعله خلقا سويًّا مثلك ويسهل خروجه فسميه عبد الحارث، فذكرت ذلك لآدم فقال لعل ذلك صاحبنا فلا تطيعيه، ولم يزل بها حتى سمياه عبد الحارث. وقال ابن عباس سمياه عبد الله فمات، وولد آخر فسمياه عبيد الله فمات، وولد آخر فسمياه عبد الرحمن فمات، فقال لهما إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث، فسميا الرابع عبد الحارث فعاش، وقيل قال لهما هذا بعد موت الثانى، فسميا الثالث عبد الحارث فعاش، وروى أن الله سلطه على أولادهما فيموتون، فقال ذلك.

السابقالتالي
2 3