الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ }

{ واتْلُ عَليْهِمْ } على بنى إسرائيل أو عليهم وعلى غيرهم من الكفار قولان { نَبَأ } خبر { الَّذِى آتيْناه آياتِنا } هو بلعام من باعوراء عند ابن عباس، أتاه الله بعض علم الكتب المنزلة، وكان يحسن اسم الله الأعظم فلا ترد له دعوة دعا به فيها، وعن بعضهم كان عنده علم من صحف إبراهيم ونحوها، وفسر بعضهم الآيات بالاسم الأعظم، لأنه عبارة عن دعاء فيه اسم من أسماء الله، أو لتضمنه دلائل، وزعم بعضهم عن مجاهد انها آيات النبوة وكان مرشحاً لها، وهذا خطأ، فإن النبى معصوم، ومن كان عند الله نبيا لم يخرج عن لنبوة، وقيل فى اسمه بلعم بدون ألف، وقال مجاهد بلعام من عابر، وقال ابن مسعود ابن إبر، وهو من بلد الجبارين من الكنعانيين قاله ابن عباس. وروى عنه أنه من بنى إسرائيل، وعن مقاتل أنه من البلقاء، قال ابن مسعود هو من بنى إسرائيل وهو المشهور فيما قيل، بعثه موسى إلى ملك مدين بآيات علمه إياهن، يدعوه إلى الإيمان، ولما وصل رشاه الملك على أن يترك دين موسى ويتبع دين الملك ففعل، ففتن به الناس، وقيل عالم من بنى إسرائيل، وقيل هو أمية بن أبى الصلت الثقفى، وكان قد قرأ الكتب القديمة، وكان صاحب شعر وحكمة ومواعظ حسان، وقيل البسوس أعطاه له ثلاث دعوات يجاب فيهن سيأتين، وقيل عامر بن النعمان، كان يعرف شيئا من دين إبراهيم وزاد فيه. { فانْسَلخ } خرج { مِنْها } بعمله بغير مقتضاها كانسلاخ الشاة من جلدها، قال ابن عباس خرج من العلم { فأتْبعه الشَّيْطان } أى تبعه فهو من الرباعى الموافق للثلاثى، لكنه أبلغ منه، أو المعنى أنه أدركه، وكان قرينه، يقال تبعه حتى أتبعه أى لحقه، أو الهمزة للسلب أى أزال عنه تبع الآيات أو للتعدية، فالثانى محذوف أى اتبعه الضلالة أو للصيرورة، أى صار الشيطان تابعا له لا يفارقه يضله ويغويه، وقرأ الحسن فى رواية هارون عنه وطلحة بن مصرف فى رواية بوصل الهمزة وتشديد التاء. { فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ } الضالين، قال فى عرائس القرآن قال أكثر المفسرين الآية فى بلعام بن عوراء بن عامر بن مازن بن لوط عليه السلام من الكنعانيين من مدينة البلقاء. وهى مدينة الجبارين، وسميت بلقاء لأن ملكها يقال له بالق بن ضافوراء. وكانت قصة بلعام على ما ذكره ابن عباس، وابن إسحاق، والسدى، والكلبى وغيرهم إن موسى لما قصد حرب الجبارين، ونزل أرض كنعان من أرض الشام، أتى قوم بلعام إلى بلعام، وكان عنده اسم الله الأعظم، فقالوا له إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة، وقد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا، ويحلها بنى إسرائيل، وإنَّا قومك وجيرانك وبنو عمك، وليس لنا ملجأ، وأنت رجل مجاب الدعوة فاقدم علينا وأشر علينا فى أمر هذا العدو الذى رهقنا، وادعو الله أن يرده عنَّا، فقال ويلكم نبى الله ومعه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو عليهم؟ وإنى أعلم من الله ما أعلم، وإنى إن فعلت هذا ذهبت عنى دنياى وآخرتى، فلم يزالوا به حتى قال اصبروا حتى آمُر ربى، وكان لا يدعو حتى ينظر ما يؤمر به فى المنام، فقيل له فى المنام لا تدع عليهم، فقال لهم آمرت ربى فنهيت عن ذلك، فراجعوه فقال لهم حتى أُآمر ثانية، وأمر فلم يجب إليه فقالوا لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك فى المرة الأولى، فلم يزالوا به حتى افتتن، ويقال إنهم أهدوا إليه هدية فقبلها.

السابقالتالي
2 3 4 5