الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }

{ فلمَّا عَتوْا } أفسدوا وعصوا، وعداه بعن لأنه خروج عن الحد وتكبر عنه { عَنْ ما نهُوا عنْهُ } من ترك الصيد فى يوم السبت { قُلْنا لَهم كُونوا قِردةً خَاسِئينَ } مبعدين عن الخير، وخاسئين خبر ثان أو حال من الواو أو نعت قردة، وضعفه أبو الفتح قيل لأن القصد ليس التشبيه بقردة مبعدات، فالعذاب البئيس هو المسخ، فالفاء لتفصيل مجمل، أو العذاب البئيس عذاب أصابهم ولم ينتهوا، وجاء بعده المسخ كذا ظهر لى، ثم رأيته والحمد لله فى الكشاف لكنه اختار الاحتمال الثانى، حكى الأول قولا. وروى ابن الكلبى أنهم كانوا فى زمان داود عليه السلام، ولعنهم بعد ما نهاهم أشد النهى، فأجاب الله دعاءه فمسخهم قردة، ومعنى قوله { قلنا لهم كونوا قردة } قضينا عليهم بذلك فكانوا، أو خلق كلمة كن فكانوا عقبها قردة، أصبح الناهون ذات يوم ولم يخرج من المعتدين أحد بعد ارتفاع النهار فقالوا إن لهم شأنا، لعل الخمر غلبتهم فعلوا الجدار فنظروا فإذا هم قردة تتعاوى، ففتحوا الباب ودخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابها والناس لا يعرفه منها، وقيل كل يعرف الآخر فتأتى تشمهم وتتمسح بثيابهم ويبكون، يفعلون ذلك بأنسابهم فيقولون ألم ننهكم فيقول برءوسها بلا، وقال ابن عباس، وقتادة مسخ الشاب قردا والشيخ خنزيرا، وكذا ما فوق الشاب، وروى أن مسخهم كان بعد المعصية فى صيد البحر بعامين، وبقوا ثلاثة أيام ينظر الناس إليهم وهلكوا جميعا. وقال الزجاج قال قوم يجوز أن تكون هذه القردة من نسلهم، وأجازوا بقاء الممسوخ أكثر من ثلاثة ايام متعلقين بقوله صلى الله عليه وسلم " إن أمة فقدت ولا أراها إلا الفأر " قال الحسن أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها وأثقلها خزيا فى الدنيا، وأطولها عذابا فى الآخرة، وايم الله ما حوت، أخذه قوم فأكلوه أعظم عند الله من قتل مسلم، ولكن الله جعل موعدا والساعة أدهى وأمر. وزعم مجاهد أنه مسخت قلوبهم لا ابدانهم وذكر فى عرائس القرآن أنه سئل الحسن بن فضيل هل تجد فى كتاب الله الحلال لا يأتيك إلا قوتا، والحرام يأتيك جرفا أو جزافا؟ قال نعم فى قصة داود وآياتهإذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم } وأن الحوت لم يطق الخروج من الحياض التى حفروها لعمقها وقلة الماء، وأنه قيل كانوا ينصبون الحبال يوم الجمعة ويخرجونها يوم الأحد، وأنهم مغرمون بحب الحوت، وأن أهل القرية كانوا أكثر من سبعين ألفا، وأن المعتدين قالوا إنما حرم الصيد يوم السبت على آبائنا لأنهم قتلوا أنبياءهم، وإن الناهين والساكتين قالوا والله لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار، ومكثوا سنتين، فلعنهم داود عليه السلام لإصرارهم، وأن الممسوخين برزوا من المدينة وهاموا على وجوههم متحيرين، وهلكوا لما تمت ثلاثة ايام، وبعث الله عليهم ريحا ومطرا فقذنفاهم فى البحر، ويعودون يوم القيامة إلى صورهم البشرية ويدخلون النار.