الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

{ واسْأَلهم } اسأل بنى إسرائيل الذين فى زمانك يا محمد، سؤال توبيخ وتقريع وإقرار، لا سؤال استخبار، لأنه صلى الله عليه وسلم عالم بما يسألهم عنه من قديم كفرهم وعنادهم ومجاوزتهم حدود الله، وإذا أعلمهم بما لا يعلم إلا بوحى، أو تعليم أو قراءة من كتاب، وليس بمتعلم من أحد ولا بقارئ كتابة كان ذلك معجزة تدل على أنه رسول من الله، إذ ما يسألهم عنه وهو الاعتداء كان من أسلافهم، وعن بعض العلماء أن اليهود قالوا للنبى محمد صلى الله عليه وسلم إن بنى إسرائيل لم يكن فيهم عصيان ولا معاندة لما أمروا به، فنزلت الآية موبخة لهم ومقررة. { عَنِ القَرْية التى كانت حاضِرة البَحْر } قريبة منه على شاطئه، غير غائبة عنه، قيل ويحتمل أن يكون ذلك تعظيما لها بأنها الحاضرة الذكر فى مدن البحر، وهى أيلة بين مدين والطور، وعن ابن عباس أيلة بين مصر والمدينة، ولا منافاة، وإنما ذكرها بطرفين أبعد. وقال فى رواية هى مدين، وقال الزهرى طبرية الشام، وقال وهب هى مقنى بقاف ساكنة بين مدين وعيونا، وبه قال قتادة، وقال ابن زيد مقناة كذلك، لكن زاد تاء، ويقال فيها مغنى بغين معجمة مفتوحة، ونون مشدة، والمشهور أنها أيلة به، وقال السدى، والثورى، وعكرمة والعرب تسمى المدينة قرية، والقرية عندهم المنازل المجتمعة، قال المعرى ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج، قال جار الله يعنى رجلين من أهل المدن. { إذْ } بدل اشتمال من المضاف المحذوف، لأن الأصل عن أهل القرية، أو عن حالها، وهو اعتداء أهلها، أو متعلق بكانت أو بحاضرة، أو بالمضاف المحذوف إذا قدر هكذا عن خبر القرية، فإنه يوز التعليق بلفظ الخبر ونحوه، مما يدل على حدث، ولو لم يكن مصدرا، ولا اسم مصدر، ولا صفة، ولا فعلا نص عليه الدمامينى { يعْدُونَ فى السَّبْت } يجاوزون حد الله فى اليوم المسمى بالسبت، وذلك أنهم منعوا من الاشتغال فيه بغير الطاعة، ومنعوا من الاصطياد فيه منعا أقوى، ويجوز إبقاء السبت على المصدرية وهو القطع، فإنهم يقطعون الاشتغال عن أنفسهم فى اليوم بعد الجمعة تعظيما له، ويقال سبت اليهود وعظمت يومها بترك الاشتغال، وقرأ شهر بن حوشب، وأبو نهيد يعدون بفتح الياء والعين وتشديد الدال، وأصله يعتدون، نقلت فتحة التاء للعين وأبدلت التاء دالا، وأدغمت فى الدال، وقرئ يعدون بضم الياء وكسر العين وتشديد الدال مضارع أعد بمعنى هيأ، وكانوا يعدون آلة الصيد يوم السبت. { إذْ } متعلق بيعدون أو بدل من إذ بدل كل، أو بدل ثان بدل اشتمال { تأتيهِم حِيتانُهم } جمع حوت وهو السمك { يَوْم سَبْتهم } مصدر بمعنى القطع أو التعليم، وذلك أنهم يعظمون اليوم بعد الجمعة، ويقطعون فيه أشغال الدنيا كما، ويدل لذلك قراءة عمر بن عبد العزيز إسباتهم بكسر الهمزة مصدر أسبت بمعنى دخل فى القطع، أو التعظيم ولا تحتمل أن يكون المعنى يوم دخولهم فى اليوم المسمى سبتا، إذ لا معنى صحيحا لذلك، لأنه لا يمكن دخول اليوم فى اليوم، ولا سيما دخول يوم فى نفسه، ثم ظهر معنى محتمل، وهو أن يراد باليوم الوقت مطلقا، لا يقيد كونه الموالى للجمعة، ولو كان هو المراد.

السابقالتالي
2 3