الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ }

{ واخْتارَ مًوسَى قَومَه } أى من قومه، فهومنصوب على نزع الخافض، و المفعول ما بعده، ويجوز أن يكون هو المفعول وما بعده بدل بعض، والرابط محذوف، أى واختار موسى قومه سبعين رجلاً منهم. { سَبْعينَ رجُلاً } من كل سبط ستة، وزاد اثنين على السبعين، وقد أمره الله بسبعين فقط، فقال لا بد أن يتخلف منكم اثنان فتشاحوا، فقال لمن تخلف أجر من خرج، فقعد يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا فلم يخرجا، وقيل قال ذلك فى أصل الجبل، فقعدا فيه، وروى أنه لم يجد إلا ستين شيخا، فأوحى الله إليه أن يختار من الشباب عشرة، فاختار فأصبحوا شيوخا، وقيل إنه لم يكن فى السبعين من تحت العشرين، ولا من فوق الأربعين أذهب الله سبحانه عنهم الجهل والصبا. { لميقَاتِنَا } هو ميقات المناجاة المذكور الذى سئلت فيه الرؤية، أمر السبعين أن يتطهروا ويطهروا ثيابهم، ويصوموا، وذهب بهم إلى طور سيناء. قال جار الله فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله، ودخل فيه، ويقال للقوم ادنوا، وقد طلبوا سماع الكلام فدنوا، حتى دخلوا فيه، ووقعوا سجدا فسمعوه يكلم موسى، يأمره وينهاه، ثم انكشف الغمام فأقبلوا إليه يطلبون الرؤية، فوعظهم وزجرهم، وأنكر عليهم، فقالوايا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة } قال رب أرنى أنظر إليك } يريد أن يسمع الرد والإنكار من جهته، أى بلا واسطة موسى، فأجيب { لن ترانى } ورجف بهم الجبل فصعقوا كما قال. { فَلما أخذتْهمُ الرَّجْفةُ } أى الصعقة فقيل ماتوا وهو أكثر الروايات، وقال وهب بن منبه لم يموتوا بل ارتعدوا حتى كادت مفاصلهم تنفصل للاضطراب الشديد وقوله { قالَ ربِّ } يا رب { لو شِئْت أهْلكتهُم } أمتَّهم { مِنْ قَبلُ } قبل هذا الخروج للجبل وطلبهم الرؤية { وإيَّاى } عطف على الهاء ظاهر على أكثر الروايات، وأما على رواية وهب فوجهه أنه لما رأى ارتعادهم ظنه مقدمة موت، فقال { لو شئت } الخ ولو للتمنى، تمنى إهلاكهم من قبل بفرعون أو بالبحر أو بغيرهما لئلا يتهمه بنو إسرائيل عليهم قتلتهم لانفراده بهم فيقولوا { أتهْلِكنا } إياى وهؤلاء السبعين؟ والاستفهام استعطاف { بما فَعَل السُّفهاءُ منَّا } وهم من طلب الرؤية من السبعين إن طلبها بعض دون بعض، أو هم السبعون على أنهم طلبوها كلهم أو طلبها بعض ورضى بعض، وإنما خاف الهلاك على غير السفهاء بفعل السفهاء زيادة فى الخضوع، أو لأن عذاب الدنيا قد يعم، أو لأنه طلب الرؤية زجرا لهم من غير أن يؤذن له فى ذلك، أو لأن الاستفهام للنفى، أى لست تهلكنا بما فعل السفهاء منا، وقاله تقوية لما أعتقد. { إنْ هِىَ } أى الرؤية المطلوبة، أو الفتنة وهى طلبها على حد

السابقالتالي
2 3