الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ والَّذينَ عَمِلوا السَّيئاتِ } شركا أو نفاقا أو صغائر { ثمَّ تابُوا مِنْ بَعْدها } أى من بعد عملها { وآمنُوا } اشتغلوا بالإيمان وما يقتضيه الإيمان، كالإخلاص وغيره من الأعمال الصالحات، والاعتقادات اللائقات، ومنها أن يعتقد أن الله يقبل التوبة ويغفر الذنب. واعلم أن الاشتغال بالإيمان وما يقتضيه يعم دخول المشرك فى التوحيد والعمل الصالح، ويعم دوام الموحد على توحيد، ويعم إحداثه الصالحات إن لم تكن قبل، والدوام عليها إن كانت هذا تحقيق المقام، وقد يقال إن فى آمنوا تأكيدا لتابوا من حيث إن التوبة ولو كانت عن ذنب، والإيمان التصديق بالله، لكن التوبة تقتضى العمل بمتضمن الإيمان، وتستلزم الإيمان، ولذلك صح تأخير ذكر الإيمان عنها، وأيضا الواو لا ترتب فى العطف، وتحتمل الحالية، أى وقد آمنوا، أو بدون تقدير قد، ويجوز أن يراد بالذين عملوا السيئات المشركون، والسيئات شركهم، فإنه متعدد، أو شركهم ومعاصيهم مطلقا فيدخل غير المشرك بالأولى. { إنَّ ربَّك مِنْ بَعْدِها } أى من بعد عملها { لغفورٌ } لأجل التوبة منها، ويجوز عود الضمير للتوبة المستفادة من تابوا { رَحيمٌ } منعم غاية الإنعام بعد الغفران، ولا بشارة كهذه حيث كانت التوبة ماحية للشرك فما دونه، وأما الطمع فى غفران كبائر النفاق والصغائر مع الإصرار عن التوبة، فطمع عقيم لا ثمرة له إلا الافتضاح.