الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }

{ وَجاوَزْنا } قطعنا { بِبنِى } هذه الباء هى المعاقبة لهمزة التعدية { إسْرائيلَ } هو يعقوب، وقرئ وجوزنا بتشديد المبالغة، وقيل هو موافق لجاوزنا، وبالتشديد قرأ الحسن، ويجوز أن يكون التشديد للتعدية لاثنين، فالباء زائدة فى المعمول الأول { البَحْر } بحر القلزم على الصحيح، جاوزوه عرضا على المشهور، وقيل طولا من ضفة إلى موضع آخر من تلك الضفة بقدر ما يكفى فرعون وقومه، وذلك بوحى من الله، يضرب البحر بعصاه فسلكوا حيث كانت الطرق بالضرب، والظاهر أن ضربه على العرض أو الطول بالوحى أيضا، وأجاز بعضهم أن يكون باجتهاد موسى أن يكون فى الموضع الذى لم يضرب عليه من عرض أو طول أو عار. وقيل بحر النيل، قال بعض وهو خطأ، قيل قطع بهم البحر يوم عاشوراء، وأغرق عدوهم فصلوا بقيته شكرا لله، وإن كان القطع ليلا فهم أصبحوا صائمين له، وبالأول قال الكلبى، وعن الحسن لما جاوزوا البحر خرجوا إلى أرض بيضاء ليس معهم فيها طعام ولا شراب ولا بناء، فظلل الله عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى. { فأتْوا } مرُّوا { عَلى قوم } من العمالقة الذين أمر موسى بقتالهم، وكانوا على ساحل البحر، وقيل من الكنعانيين الذين أمر بقتالهم، وبه قال قتادة، وقال أبو عمران، الجونى من لخم وجذام، وقيل من لخم، ومنهم كانت ملوك العرب فى الجاهلية، ويأتى كلام فى لفظ قوم فى الحجرات إن شاء الله. { يعْكُفُون } يقيمون ويواظبون، وقرأ حمزة والكسائى بكسر الكاف، وكذا أبو عمرو فى رواية عبد الوارث، وقرأ ابن أبى عبلة بضم الياء وفتح العين وتشديد الكاف مكسورة، وذلك مبالغة { عَلَى } عبادة { أصْنامٍ } وقوله { لَهم } نعت أصنام، وكانت على صور البقر فيما قال ابن جريج، وذلك أول شأن العجل، وكانت من حجر وعيدان وغيرها، وقيل كانت بقرا حقيقة يعبدونها. { قالُوا يا مُوسَى اجْعَل لَنا إلهاً } نعكف على عبادته تقربا به إلى الله، ظنوا أن هذا لا يضر الديانة، فأرادوا - لما استحسنوا ذلك من القوم - أن يكون فى شرع موسى ولم يكن ذلك شكا من بنى إسرائيل فى وحدانية الله تعالى، وقيل قصدوا بذلك الكفر، ويبعد أن يقولوا لموسى اجعل لنا إلهاً نفرده بالعبادة ونكفر بربك، وذلك نص فى غباوة وجهالة بنى إسرائيل، إذ توهموا أنه تجوز عبادة غير الله مع ما رأوا من الآيات الدالة على الوحدانية، وهذه حال الإنسان أنه ظلوم كفَّار، جهول، كنود، إلا من عصم، وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما رأى من بنى إسرائيل بالمدينة. وقال يهودى لعلى بن أبى طالب ما لكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلهم؟ فقال على، ولله دره مجيبا ولم أنتم لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة؟ وقيل قال اليهودى اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه؟ فقال على ما اختلفنا فيه، ولكن اختلفنا عنه، وأنتم لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم اجعل لنا إلهاً.

السابقالتالي
2