الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }

{ وقالُوا مَهْما } لفظ بسيط، والأصل عدم التركيب، وألفه للتأنيث أو للإلحاق عند ابن هشام، ومعناه كمعنى ما الشرطية إلا أنها أقوى فى العموم، فهى اسم لغير العاقل غير ظرف، ويدل على اسميتها عود الضمير عليها، وخطأ جار الله من يقول مهما ظرف زمان بمعنى متى، وهو الحق، لكن الأحوط أن يقال تأتى بمعنى ما كما فى الآية، فإنها مبتدأ خبره جملة الشرط أو الجواب أو كلتاهما، أو مفعول على الاشتغال أى مهما تحضر تأتنا به على حد زيداً مررت به، وتأتى بمعنى متى كقوله
فإنك مهما تعط بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا   
فجعلها فيه بمعنى متى أولى من جعلها مفعولا مطلقا واقعة على الإعطاء، ولو كان المانع يجعلها مفعولا مطلقا إبقاء لها على معنى ما قيل، وقد تأتى بمعنى إن الشرطية فتكون حرفا، وجعلها فى الآية بمعنى إن أو متى، ورد الضمير إلى مبهم مفسر بالبدل بعده تكلف به، وقيل مركبة من ما الزائدة وما الشرطية، أبدلت ألف الشرطية وهى الأولى هاء لثقل التكرير، وبه قال البصريون وسيبويه، واختاره غيرى، ويضعفه كتبه بالياء، وأن الأصل عدم التركيب. وقيل من مه وما الشرطية، ونسب للخليل، وقد فسرها بعضهم هنا بمه وما الشرطية، أى كف عن ذلك يا موسى ما تأتنا به الخ. وهذا التفسير لا يتأتى له فى كل موضع. { تأتِنَا بِه } الهاء عائدة إلى مهما كما مر، ومهما واقعة على الآية فلذلك بين ضميرها بقوله { مِنْ آيةٍ } فإنه متعلق بمحذوف حل من الهاء، ويجوز تعليقه بمحذوف حال من مهما إذا جعلت مفعولا على الاشتغال، وإنما أعيد إليها الضمير مذكرا مع وقوعها على الآية نظرا للفظها، وليس ما يأتى به موسى عندهم آية، ولكن سموه آية باعتبار ما عنده، وتبعا لتسميته، واستهزاء بدليل قولهم { لِتسْحَرنا بها } أى لتلبس بها على أعيننا، وهذا الضمير عائد إلى مهما باعتبار معناها، فإنها بمعنى الآية، وإنما اعتبر المعنى لتقدم تفسيرها بالآية، ويجوز عوده إلى الآية، واختاره ابن هشام { فَما نَحْن لَك بمؤمنِينَ } الياء علامة الجر بالياء الصلة، وتقدر ياء علامة لنصب خبر ما الحجازية، ومنع من ظهور اشتغال الذى تكون فيه بتلك الياء، وإن جعلها جاعل تميمية قدر الواو كذلك.