الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }

{ وما تَنقمُ مِنَّا } مستأنف فى كلامهم أو حال، وقرأ أبو حيوة، وأبو البرهسن، وابن أبى عبلة، والحسن، بفتح القاف، ولغة الكسر أفصح، أى ما تكره منا وتعيب وتنكر { إلا أنْ آمنَّا بآياتِ ربِّنا لمَّا جاءتْنا } أى إلا الإيمان الذى هو أصل المفاخر وخير الأعمال بحيث لا يمكن تركه إلى ما تريد، وذلك من تأكيد المدح بما يشبه الذم، كقوله
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب   
فتضمن ذلك أن مؤاخذتك لنا بالإيمان فى غاية القبح وسوء الرأى، واستأنفوا فزعا إلى الله تعالى بقولهم { ربِّنا أفْرغ علينا صَبْراً } على وعيد فرعون، فلا نفتتن به عن الإيمان الذى يظهر لى أن هذا مجاز مركب، وهو استعارة تمثيلية، أى افعل بنا من توسيع الصبر علينا، وتغميدنا به، ومحو الذنوب به ما يكون شبيها بإكثار الماء وإفراغه على الشىء المتوسخ لإزالة وسخه، ويجوز أن يكون توسيع الصبر مشبها بإفراغ الماء مستعارا له لفظ الإفراغ استعارة أصلية واشتقا من هذا اللفظ بمعنى التوسيع، أفرغ بمعنى وسع، فأرغ استعارة تصريحية تبعية، وصبرا قرينته، ويجوز أن يكون فى { صبراً } استعارة مكنية شبه بالماء فى إزالة المكروه، وأفرغ رمز إلى هذا التشبيه، فإن الإفراغ من لوازم الماء. { وتَوفَّنا } أمتنا { مُسْلمِينَ } ثابتين على الإسلام دين موسى وهو دين إبراهيم عليهما السلام.