الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّآ أَلْقَوْاْ سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ }

{ قالَ ألقُوا } قدمهم تهاونا بأمرهم، وثقة بتأييد الله له تقدم أو تأخر، وكرما وتسامحا كما تسامحوا بالتخيير، وإنما أمرهم بالإلقاء مع أنه كفر لإباحة الله سبحانه له أن يأمرهم ليتبين عجزهم، وليؤمنوا، أو لأن الأصل ألقوا إن كنتم محقين لا لمجرد علمه بوقوع الإلقاء، والتخيير فى التقدم والتأخر فقط، لا كما قيل لأنه لا يجوز الأمر بالمعصية، ولو علم أنها لا بد واقعة، ويأتى كلام فى ذلك إن شاء الله تعالى، وفى إلقائهم أولا فائدة، لأنهم إذا أتو بجهدهم وأتى هو بما يفوقه ويبطله كان أظهر غلبة. { فلمَّا ألقَوْا سَحرُوا أعْين النَّاس } خيلوا لها الشىء على خلاف ما هو عليه، وهو باق على حقيقته، بخلاف أمر السماء الجارى على يد موسى أو غيره، فإن الله سبحانه قادر على قلب الحقائق كرد العصا لحما ودما وعصبا { واسْتَرهَبُوهم } استعملوا طاقتهم فى طلب ما يرهبهم، أى يخوفهم من السحر، فالسين للطلب والتأكيد معا، ويجوز أن تكون تأكيدا، أى أرهبوهم إرهابا شديدا. { وجَاءُوا بسحْرٍ عَظيمٍ } فى باب السحر، جاءوا بحبال وخشب غلاظ طوال كثيرة ميلا فى ميل، لونوها بألوان، وجعلوا فيها ما يوهم الحركة، روى أنهم طلوها بالزئبق، وأدخلوه وسط كل خشبة وحبل، فطلعت عليها الشمس فتحركت للزئبق، أو تخيل بالشمس كأنها تتحرك، وكانت كالحيات ركب بعض بعضا والتوت وملأت الوادى، وروى أنها وقر ثلاثمائة وستين بعيرا حبالا وعصيا.