الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ }

{ يُريدُ أنْ يخْرجكُم } بسحْرِه { من أرضكم } أيها القبط، وهى أرض مصر قال فرعون { فَماذا تأمُرونَ } أى تأمروننى أن أفعله فى دفعه، وقرأ نافع فى رواية كردم منا، وفى الشعراء بكسر النون، وماذا مبتدأ فخبر، أو خبر فمبتدأ، وتأمرون صلة ذا، وذا واقعة على الأمر، والرابط ضمير الأمر مفعول مطلق، أى فما الأمر الذى تأمرونيه، أو ماذا مفعول تأمرون، أى أى أمر تأمروننى، وذلك أولى من كون التقدير فماذا تأمروننى به، وتم كلام الملأ فى قوله { من أرضكم }. واستدل بعضهم بالآية على أن لفظ الأمر يطلق ولو من الأدنى إلى الأعلى، وقد يجاب بأن الأمر هنا بمعنى الإشارة من آمرته بالمد فأمرنى بالقصر، أى شاورته فأشار علىَّ، كأنه قال فماذا تشيرون علىَّ أو بأن الأمر هنا بمعنى الشأن كأنه قال فما الشأن الذى ندخل فيه أو نعمل به، أو قال ذلك تواضعا لهم وتسفلا، بأنه محتاج إلى رأيهم، أو أراد ماذا تأمرون رعيتكم لو كنتم سلاطين، ووقعت هذه الواقعة فيها، وهذا لا يناسبه رواية كردم، وقيل الخطاب لفرعون، وكان بلفظ الجميع تعظيما له، ولأن الرعية تحت حكمه، فكأنه هم والأول أوضح ويدل قوله { قالُوا أرْجِه وأخاهُ } أخر أمرهما لعل العجلة تكون عليك، ولعلك إن قتلته قال الناس إنما قتله لعجزه عن محاورته وسحره، وقال قتادة أرادوا بإرجائهما الحبس والسجن، ورد بأنه ما كان ليقدر على حبسهما بعد ما رأى من أمر العصا ولا يشيرون إليه فى وقت الجد بما لا يمكن، وهمزة { أرجه } مفتوحة وجيمه مكسور وهاءه مشبعة بياء، ولا ياء ولا همزة بين الجيم والهاء، هذه قراءة نافع رواها ورش وإسماعيل، وهى من أرجأ بالألف بعد الجيم يرجيه بالياء بعده، وكذلك قرأ الكسائى وقرأ نافع فى رواية قالون بلا ياء بعد الهاء اكتفاء بالكسر. ونظرا للياء المحذوفة قبل الهاء قال المبرد يجوز أن يكون المعنى أطمعه من الرجاء، وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب أرجئه من أرجأت بالهمزة ساكنة بعد الجيم وضم الهاء بدون واو بعدها، والمعنى التأخير أيضا، وقرأ ابن كثير أرجئه كذلك لكن بالواو بعد الهاء إشباعا نظرا لأصل الهاء مع إلغاء حكم الكسون قبلها، وبهذا قرأ هشام كما قال الإمام أبو عمرو الدانى، وقرأ عاصم وحمزة بسكون الهاء ولا ياء ولا همزة بينهما وبين الجيم ويكسران الجيم، وقيل ذلك على لغة الوقف على هاء الضمير فى الوصل إذا تحرك ما قبلها. وقال القاضى على تنزيل الجيم والهاء المكسورتين المختلستين، ووو العطف المنفصل عنهما بكونه كلمة وبالخط منزلة كلمة ثلاثية مكسورة الوسط، والأول مخفف بإسكان الوسط، وهو هنا الهاء كما يقال فى إبل بكسر الهمزة والباء إبل بسكون الباء، ونسب القاضى بهذه القراءة إلى حفص يعنى عن عاصم، واعترضه شيخ الإسلام بأن الصواب تركه، لأن عاصما قرأ بذلك من طريقه.

السابقالتالي
2 3