الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وهُو الَّذى أنزلَ منَ السَّماء ماءً فأخْرجْنا بهِ نَباتَ كلِّ شئٍ } السماء السحاب، لأن كل ما كان فوقك منفصلا عنك فهو سماء كسقف وأعلى الخيمة والمظلة التى لم تلتصق برأسك، أو هى السماء الدنيا، قال الجبائى من المعتزلة يخلق الله الماء فى السماء ثم يرسله إلى السحاب، وحمل السماء على المتبادر هو المتعين عنده لعدم دليل على التأويل، وقيل المراد بالسماء جهة السماء، والله قادر أن ينزل الماء من السماء مسيرة عشرين سنة فى ساعة أو لحظة، ولكن المتبادر السحاب أو جهة السماء، وجاء أخرجنا على طريق الالتفات من الغيبة إلى التكلم والنبات الأغصان والأوراق الخشب والأعواد، وكل شئ بمعنى كل شئ من الثمار التى خلقها الله، فنبات التمر الجذع والجريدة، ونبات الشعير ساقه وأوراقه، ونبات التين أوراقها وأعوادها ونبات القرع غصنه المنبطح على الأرض وورقه. وقيل كل شئ هو النبات أيضا لكنه أخص باعتبار أفراده، فيكون نبات أعم، وإضافته إضافة عام لخاص، لأنه بمنزلة نبات النخل وشجر العنب وشجر التين وهكذا، والمعنى أخرجنا نبات كل شئ مما اعتيد أنه ينبت سواء حملنا كل شئ على الثمار أو على الغصن والورق، ودخل فى ذلك الكمأة، وخرج ما لا يكون له نبات، والآية دليل القدرة، إذ قدر على إخراج أنواع مختلفة بماء واحد، وذلك اختلاف فى الغصن والورق كما يذكر الاختلاف فى الثمار، إذ قالتسقى بمآء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل } وقيل النبات الغذاء الذى ينبت به الجسم وهو الثمار، وكل شئ هو الحيوان الذى يأكل نبات الأرض وثماره، والهاء عائدة إلى الماء. وأما الهاء فى قوله { فأخْرجْنا منْه خَضِراً } فللماء أيضا أو للنبات، والخضر الشئ الأخضر، والمراد الأغصان والورق الخارجة من أبزارها، وقيل المراد بالخضر ما حسن منظره بلا اعتبار لون الخضرة { نُخْرج منهُ حبّاً مُتراكِباً } وقرأ الأعمش وابن محيصن يخرج منه حب متراكب بالبناء للمفعول، ورفع حب متراكب وعلى القراءتين الجملة نعت خضراً، وهاء منه عائدة إليه، ومعنى متراكباً، متراكباً بعضه على بعض كما ترى السنبلة والرمانة حبة على حبة، وقدم الحب على التمر لأنه قوت مألوف فى كل بلد يغنى عن التمر عالياً، وحاجة الناس إليه أكثر، والتمر كالفاكهة، وإنما يكتفى بها أهل الشدة، وربما اكتفى به أعراب الحجاز. { ومِنَ النَّخْل مِنْ طَلعِها قِنْوانٌ دانِيةٌ } الواو عاطفة لأخرجنا محذوفاً يتعلق به، من النخل ناصباً لمحذوف، والمحذوف منعوت بقوله { من طلعها قنوان } أى وأخرجنا من النخل نخلا من طلعها قنوان، ومعنى إخراج النخل من النخل إخراج نخل تكون من نوع النخل، أو إخراج نخلة من أصل نخلة، أو من جذعها، فتكون هذه ذات قنوان دانية، فما حال أصلها، والمعطوف عليه أخرجنا الأول، وإن شئت فقل ذلك من العطف على معمولى عامل واحد، ويجوز أن يكون من النخل خبراً مقدماً، ومن طلعها بدل بعض، وقنوان مبتدأ موجز، فتعطف الجملة الاسمية على الفعلية، ويجوز تعليق من النخل يكون خاص، أى ومخرجة من النخل، من طلعها قنوان، والطلع الكفرى، والقنوان جمع قنور وهو العذق أعنى الشماريخ مع ثمارها، وقرئ بضم القاف جمعاً أيضا كذيب وذوبان، وقرئ بفتحها على أنه اسم جمع، لأن فعلان بفتح الفاء لا يكون جمعاً، ودانية قريبة للتناول لقربها من الأرض لصغر النخل، فيتناول المضطجع والقاعد والقائم.

السابقالتالي
2 3