الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }

{ ولَقدْ جِئْتُمونا فُرادى } كلام ليس من مقول الملائكة، قاله الله لهم يوم ماتوا فإنهم جاءوا الآخرة منفردين عن أولادهم وأعوالهم، وأخلائهم وأعوانهم، وأصنامهم وجاههم، أو جئتمونا للحساب والجزاء كذلك، على أن هذا الكلام يوم الحشر، أو يقوله لهم يوم الموت ليوم الحساب لتحققه بعد، ولذا جئ بالماضى دون المضارع، ويجوز أن يكون من كلام الملائكة، يقولونه عن الله عند الموت أو عند الحساب، فعلى أنه منهم عند الحساب يراد ملائكة العذاب، يقول إنه لا ينفعكم فى الموت أو شدته أو الحساب ما ذكر، وفرادى ممنوع من الصرف لألف التأنيث ككسالى، والمفرد فرد على غير قياس. وقال ابن قتيبة جمع فردان ككسلان وكسالى، أو قيل جمع فريد كرديف وردافى، وقال الفراء جمع فريد أو فرد، وتجمع الفردة أيضا على فرادى، وقرئ فراداً بالتنوين والألف التى تكتب عند التنوين التى يقلب إليها التنوين ألفاً فى الوقف جمع فرد بفتح كرُخال بضم الراء جمع بكسرها وهو الأنثى من أولاد الضأن، وهو غير مقصور، وقرئ فراد بفتح الفاء والدال بلا ألف ولا تنوين، منع الصرف للوصف والعدل عن فرد فرد، وقرئ فردى بوزن كسرى بألف التأنيث وأنثوا وأفادوا بتأويل الجماعة، وهو فى جميع القراءات حال من التاء. { كَما خلَقْناكم أوَّل مَرَّةٍ } نعت مصدر محذوف، أى مجيئا ثابتا كخلقنا إياكم، أو مجيئا ثابتا مثل خلقنا إياكم، أو حال ثانية لتاء جئتمونا أى مماثلين بحالكم حال خلقنا إياكم أو مماثلة حالكم حال ابتداء خلقكم، وحال من المستكن فى فرادى، أو يتعلق بجئتمونا، أو بدل من فرادى، ووجه الشبه فى تلك الوجوه التفرد فى الخلق الثانى عن المال والولد والأصنام، وغير ذلك مما كان يعتد به فى الدنيا، أو مجرد الإيجاد بعد العدم، أى كما قدرنا على خلقكم أولا كذلك قدرنا على بعثكم، وقيل وجه الشبه أنهم يبعثون قلفاً كما خلقوا قلفاً، وفيه ضعف إن أراد صاحبه تخصص ذلك فى التفسير، وإن أراد التمثيل ببعض أحوالهم التى يبعثون عليها وعليها خلقوا صح. واختلفوا فى البعث هل هو رد أجزاء تلفت، أو خلق مستأنف كالأول؟ والصحيح القول الأول، والخلاف فى من لم تأكله الأرض إذا قلنا إنه لا يفنون عند الساعة، ثم يرجعون فى قبورهم، ثم يبعثون، واختلف أيضا فيما زاد من الإنسان قبل موته من شعر وظفر وجلد ولحم، فقيل يرد فيه عند البعث كما هو، وقيل مثله، وقيل لا يرد، وناسب التمثيل بالقلفة ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال " أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين "

السابقالتالي
2 3