الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }

{ ومَنْ أظْلم ممَّن افْترى عَلى اللهِ كَذباً } لا أظلم منهم إذ قال إن الله بعثنى نبياً كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسى من صنعاء اليمن، أو قال إن الله حرم كذا وأحل كذا، وهو ليس كذلك كعمرو ابن لحى، وقد مر أنه أول من غير دين إسماعيل، ونصب الأوثان، وبحر البحيرة وسيَّب السائبة، وشرع الوصيلة والحامى، ومر أنهُ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيته يجر قصبه فى النار " يعنى أمعاءه. { أو قالَ أوحِىَ إلىَّ ولَم يُوحَ إليْه شَئٌ } نائب أوحى هو قوله { إلىَّ } ونائب يوح هو لفظ شئ، ويجوز أن يكون شئ نائب أوحى، ونائب يوح ضمير مستتر عائد إلى شئ، لأن شئ فى نية التقديم، وذلك مثل ما روى أن عبد الله بن سعد بن أبى سرح، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نزلتولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى قولهثم أنشأناه خلقاً آخر } " قال عبد الله تعجبا من تفضيل خلق الإنسان { فتبارك الله أحسن الخالقين } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اكتبها كذلك نزلت " فشك عبد الله، فقال لئن كان محمد صادقاً لقد أوحى إلىَّ كما أوحى إليه، وإن كان كاذباً لقد قلت كما قال، فارتد ولحق بالمشركين، ثم أسلم قبل فتح مكة، والنبى صلى الله عليه وسلم نازل بمر الظهران، وكان قبل ذلك حين كان يكتب له صلى الله عليه وسلم إذا أملى عليه سميعاً بصيراً كتب عليما حكيما، وإذا أملى عليه عليما حكيما كتب غفوراً رحيماً، والنبى صلى الله عليه وسلم يقرأ كما نزل، والصحابة يقرءون كما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن قال إن ذلك فى مسيلمة والأسود العنسى يقول الآية مدنية، لأن الأسود قتله فيروز الديلى قبل موته صلى الله عليه وسلم بيومين، ومسيلمة قتله خالد بن الوليد، أو وحشى، وتقدم الكلام على ذلك. { ومَن قَال سأنْزِل مثْل ما أنزلَ اللهُ } كالذين قالوا قد سمعنا لو شاء لقلنا مثل هذا، وهم النظر بن الحارث ومن معه، وقال عكرمة { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحى إلىَّ ولم يوح إليه شئ } فى مسيلمة، وقوله { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } فى عبد الله بن أبى سرح، ومن معطوف على من المجرورة بمن، ووجه ذلك أنهُ من قال لو شئت لقلت مثل هذا يتضمن أنه إذا شاء قال مثله، ولا يمكن مثل إلا بوحى، فكأنه قال يوحى إلىَّ مثله، وكذا فى ابن أبى سرح، يعنى أنهما لم يقولا إن القرآن أنزله الله فكيف تفسير الآية بهما، وفيها مثل ما أنزل الله، ويجاب بأن المراد سأنزل مثل ما تقول إنه أنزله الله، ويدخل فى الآية من نزلت فى شأن { ولو ترى } يا محمد أو بأن تمكن الرؤية منه.

السابقالتالي
2 3