الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }

{ وما مِنْ دابَّةٍ فى الأرض } تدب على وجه الأرض { ولا طائرٍ يَطيرُ بجنَاحَيْه } اذكر قوله { فى الأرض } وقوله { يطير بجناحيه } لتأكيد عموم الدابة وعموم الطائر، كأنه قيل ما من موضع فى الأرض يصلح للدبيب لو دبت فيه دابة، ولا يقع طيران بجناحين، وهذا العموم زائد على عموم ما من دابة ولا طائر، وأيضاً ذكر يطير بجناحيه لئلا يتوهم أن المراد بالطيران صبحاً والسرعة، أو غيرها، وقرأ ابن أبى عبلة برفع الطائر عطفاً على موضع دابة، لأن دابة فاعل جر بمن المستغرقة، ففى هذه القراءة يكون الاستغراق نصاً فى دابة، لتسلط من المذكورة عليه، وطائر غير نص، لأن من لم تعتبر فيه والأجر ويستفاد استغراقه من قوله { يطير بجناحيه } ومن المقام ومن الخارج. ومن قال النكرة فى سياق النفى تفيد الاستغراق نصاً ولو بدون من، قال إن قوله { ولا طائر } بالرفع يفيده، ولكن قوله { وما من دابة } أعظم استغراق بمن، وهذا البحث ظهر لى محتملا الإمكان أن يكون ولا طائر بالرفع نصاباً، باعتبار أن العطف لما كان على دابة المستغرقة كان معناها وهو نص الاستغراق واقعاً على المعطوف، ولو لم يظهر فيه أثره، وكان بعض العلماء لا يسمى الطائر دابة لهذه الآية، إذ ذكر بعد الدابة، ورد بقوله تعالىوما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين } وأنه عطف الطائر على دابة عطف خاص على عام، لحكمة أن الطائر أشد امتناعاً من غيره، وأنه يذب ويطير، ومع ذلك لا يفوت الله، وبقى الحوت وهو داخل قبل فى الطائر، لأنها تسبح فى الماء كما يسبح الطائر فى الهواء، والظاهر أنه داخل فى الدابة لأنها فى الماء كما تدب الحبة فى الأرض، على أن تجعل فى الأرض نعتاً لدابة لا متعلقاً، ويراد بالأرض ما فى هذا المركز السفلى إلا يرى أنه لا يخرج ما لو صنع له بيت من شجر، وأسكن فيه وأيضاً قد يسبح الحوت منسحباً على الأرض لمعونة الماء. { إلا أممٌ أمثالكم } أمم خبر المبتدأ الذى هو دابة، وأمثالكم نعت أمم فجميع الدواب والطيور أمم، مماثلة لكم فى كونها مخلوقة مقدرة الرزق، مؤجلة معلومة له تعالى، يعرف بعضها بعضاً، وتتألف محفوظة كما أنتم مخلوقون مقدرة أرزاقكم، مؤجلون محفوظون معلومون لله تعالى، فمن كان كذلك كامل القدرة شامل العلم والتدبير، كيف لا يقدر ينزل آية، وجمع أمما باعتبار المعنى، لأن دابة وطائر يعمان إذ كانا فى سياق النفى فهما طيور ودواب لا دابة واحدة ويروى أحد، فالطير أمة، والدواب الإنسية أمة، والوحش أمة، كما أن الإنس أمة، والجن أمة، أو كل نوع أمة، فالحمامة أمة، والهدهد أمة، والحرد أمة، والإبل أمة، والضأن أمة، وهكذا ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3