الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }

{ ثمَّ لم تَكُن فِتْنتُهم إلا أنْ قالُوا واللهِ ربِّنا ما كنَّا مُشْركينَ } الفتنة فتنة الدين، وهو صرفهم عن الدين الحق، كما فسر ابن عباس الفتنة بالشرك على حذف مضاف، أى عاقبة فتنتهم، أى لم تكن عاقبة كفرهم إلا قولهم { والله ربنا ما كنا مشركين } حلفوا كاذبين مع علمهم أنهُ لا ينفعهم ذلك لشدة دهشتهم، كما قالوا { ربنا أخرجنا } مع إيقانهم بالخلود، إذ أحبوا الأوثان وعبدوها، وصرفهم ذلك عن الإيمان كمن أحب إنساناً، فوقع فى محنة فلم ينفعه ذلك الإنسان، فقلت له ما كان صحبتك لفلان إلا أن فر منك، أو الفتنة التخليص، يقال فتنت الذهب أى أخلصته من غيره، أى ثم لم يكن تخليصهم أنفسهم من عذاب الله إلا قولهم { والله ربنا ما كنا مشركين } وليس بمخلص لهم، فحينئذ يصح تفسير الفتنة بالمعذرة التى يتوفون. كما قال قتادة الفتنة المعذرة، وهو رواية عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد التخلص بها، أو الفتنة الجواب سماه فتنة لأنه كذب، والكذب فتنة فى الدين أو سماه فتنة لأنهم قصدوا به التخلص كفتنت الذهب أى خلصته، كما قال الضحاك الفتنة كلامهم، أى كلام الكاذب، وإنما قال لم تكن بتاء التأنيث، مع أن فتنتهم خبر للكون لا اسم له، والاسم هو قوله { أن قالوا } لأنه يجوز تأنيث المبتدأ إذا كان خبره مؤنثا، وإن قالوا مبتدأ فى الأصل، وفتنتهم خبره فى الأصل، وذلك قراءة نافع وأبى عمرو وأبى بكر، وقراءة ابن كثير وابن عامر وحفص لم تكن بالتاء وفتنتهم بالرفع على أنه الاسم، وإن قالوا خبر، وقرأ الباقون بالباء التحتية ونصب فتنتهم على الخبرية، وإن قالوا الاسم وفى قراءة نافع اعتبار كون المصدر ضمير الصريح المنسبك من الفعل أشد تعريفاً من الصريح المضاف، وكان لمنزلة العلم، فكان أولى بأن يكون مبتدأه وقرأ لأكون والله ربنا بالنصب على النداء، أى يا ربنا أو المدح، أى أعنى ربنا، ووجه الجر فى قراءة الجمهور البدلية، وهى أولى من عطف البيان، لأنهم يقولون ذلك الله، والله أعلم أنه المراد بقولهم والله، وليسوا يقصدون بالكلام بعضهم بعضاً ومن النعت، لأن لفظ رب تغلبت عليه الاسمية.