الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ الَّذِينَ آتيناهُم الكِتابَ } اليهود والنصارى، والكتاب التوراة والإنجيل { يَعْرفُونه } يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهُ رسول الله إلى الناس كلهم بصفاته التى يذكر بها فى التوراة والإنجيل، وقيل يعرفون القرآن لذكره فى قولهوأوحى إلىَّ هذا القرآن } ويدل للأول قوله تعالى { كَما يعْرِفُون أبناءهم } فإن التشبيه بمعرفة الأبناء تناسب معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أراد القرآن لقال كما يعرفون التوراة والإنجيل، كذب الله عز وجل اليهود مع قولهم لقريش كما مر آنفا إنا لا نعرف محمداً. لما أسلم عبد الله بن سلام، قال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنزل الله بمكة { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } كيف هذه المعرفة؟ فقال عبد الله بن سلام رضى الله عنه يا عمر لقد عرفته حين رأيته كما عرفت، ولا أنا أشد معرفة بمحمد صلى الله عليه وسلم منى يا بنى، فقال عمر رضى الله عنه كيف ذلك؟ قال أشهد أنه رسول الله حقاً، ولا أدرى ما تصنع النساء، أى وأما الولد فلعل المرأة زنت فكان من الزنى، فقال له عمر لقد أصبت وصدقت، ذكره الشيخ هود رحمه الله وغيره باختلاف فى بعض الألفاظ، وهذا من عمر وابن سلام تفسير لها، يعرفونه برسول الله صلى الله عليه وسلم لا بالقرآن. { الَّذِينَ خَسِرُوا أنفُسَهم } ضيعوا أنفسهم عن الإسلام، وثوابه به من أهل الكتاب وسائر المشركين، فكانت منازلهم فى الجنة للمؤمنين، ومنازل المؤمنين فى النار لهم، والذين مبتدأ، وخبره هو ما بعد الفاء من قوله تعالى { فَهُم لا يُؤمنُون } من جملة المبتدأ والخبر، وقرنت بالفاء لشبه المبتدأ باسم الشرط، أو منصوب على الذم، أو خبر لمحذوف أو بدل من الذين آتيناهم، وإنما قال الله { فهم لا يؤمنون } لأنهم ضيعوا ما به يكتسب الإيمان وهو النظر، هذا فى المشركين غير أهل الكتاب، وأما المشركون أهل الكتاب فضيعوه، لأنهم عرفوه وجحدوه عناداً صلى الله عليه وسلم.