الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدةً قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }

{ قلْ } يا محمد لهؤلاء { أىُّ شئْ أكبَرُ شَهادةً } أى أعظم شهادة، ولا يجدون أعظم من الله شهادة، فإن قالوا الله أكبر شهادة صدقوا وقد شهد الله لك بالرسالة، ولكن لا يقولون فى جوابك الله أكبر شهادة، ولو علموا أنه أكبر شهادة، بل يسكتون أو يقولون الله أكبر شهادة، وينكرون أنه قد شهد لك. { قل } لهم لأنك على يقين من أمرك { اللهُ شهيدٌ بينى وبيْنَكم } برسالتى هو الذى أخبركم بها، الله مبتدأ، وشهيد خبره، وبينى متعلق بشهيد، أو خبر ثان أو نعت لشهيد عند مجيز نعت الصفة، والله معلوم عندهم أنه أكبر شهادة، فإذا شهد له فقد شهد لهُ من هو أكبر شهادة، ففى كونه شهيداً تضمن لجواب أى شئ أكبر شهادة وزيادة وحكمة العدول، إلى الجواب يكون الله شهيداً عن الجواب، بأن الشئ الذى هو أكبر شهادة هو الله أن كونه أكبر شهادة معلوم لهُ لا ينكرونه، فأخبر أنه شهيد كذبتم أو صدقتم، لأن الله قد شهد له، فما له إلا أن يكتفى بذكر شهادة، ولو أنكروا أن يكون قد شهد له. ويجوز أن يكون الله مبتدأ خبره محذوف، أى الله أكبر شهادة، فهذا جواب فى قوله { أى شئ أكبر شهادة } أجاب به، هو أيضا لأنه لابد أن الله عنده أكبر شهادة، فلا يلزم التوقف حتى يكون هم المجيبون، وعلى هذا فيكون شهيد خبراً ثانيا، والأول محذوف كما رأيت أو شهيد خبر لمحذوف، أى هو شهيد، والجملتان محكيتان بالقول، وهذا الوجه هو مختار القاضى، وفى الآية دليل على أنه يجوز أن يقول الله شئ، لأن قوله { قل الله } أو مع ما بعده وقع جواب لقوله { أى شئ } ومثله استثناؤه تعالى من كل شئ فى قوله تعالى { كل شئ هالك } والأصل فى الاستثناء الاتصال، وقيل لا يقال الله شئ إلا أن يراد لا كالأشياء. { وأوحِى إلىَّ هذا القُرآن لأنذِركُم بهِ ومَنْ بَلَغ } عطف من كل كاف أنذركم، فكأنه قيل لأنذركم به وأنذر من بلغه، فالرابط هاء محذوفة، وضمير بلغ عائد إلى القرآن، أى أى أنذر بالقرآن من بلغه القرآن، وزعم بعض أن المراد ومن بلغ الحكم، وفى الكلام حذف آخر، أى لا تذكركم به، وأبشركم به، وأنذر به من بلغ وأبشر، والخطاب لأهل مكة فيكون قوله { ومن بلغ } لغيرهم من الجن والإنس والعرب والعجم الموجودين فى ذلك الزمان، أو بعده، ودخل فيه من يوحد بعد من أهل مكة أو الخطاب للموجودين فى الدنيا كلها حال النزول من أهل مكة وغيرهم من الجن والإنس العرب والعجم، فيكون قوله { ومن بلغ } لمن يوجد فى أى موضع منهم كلهم، فإن القرآن منذر مبشر بما فيه، ومعجز بفصاحته وبلاغته، وأخبار الغيوب الموافقة.

السابقالتالي
2 3 4