الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ }

{ أو تقُولُوا } عطف على تقولوا الأول، وقرئ يقولوا بالياء التحتية فى الموضعين { لو أنَّا أُنزل عَلينا الكِتابُ } لو ثبت أنا أنزل علينا الكتاب حقيقة كتاب، أى كتاب ما من الله، فأل للحقيقة، ويجوز أن تكون للعهد هو الكتب التى أنزلت على الطائفتين اليهود والنصارى، أى لو أنزل علينا ما أنزل عليهم وعرفناه كان بلغتنا. { لكنَّا أهْدى مِنْهم } من الطائفتين لحدة أذهاننا، وثقابة أفهامنا، فإن يهود الحجاز واليمن يومئذ ولو كانوا فصحاء بعض فصاحة بالعربية، لكن ليسوا راسخين فيها، ولا أصولا فيها، بل تعرضوا لها، وقد تلقفنا فنونا من العلم كالقصص والأشعار والخطب وإنا أميون، فكيف لو صرفنا الكتابة والقراءة ونزل علينا الكتاب كما عرف هؤلاء الكتابة والقراءة، ونزل عليهم الكتاب. { فَقدْ جَاءكُم } جاء على طريق الالتفات من الغيبة فى قراءة يقولوا بالتحتية، وهى أحسن { بيِّنةٌ مِنْ ربِّكم } هى القرآن بلغتكم، نزل على رجل منكم، تعرفون صدقه وتسمونه الأمين، وجاءكم مع ذلك بمعجزات كثيرة، فالقرآن بيِّنة بمعنى حجة واضحة تعرفونها، فلا عذر لكم يوم الموت ويوم القيامة فى الكفر الذى كفرتم فى الدنيا { وهُدًى } من ضلالتكم { ورحمةٌ } إنعام عليكم بتلاوة ألفاظه والعمل بما فيه لو تأملتم، والفاء فى جواب شرط محذوف، أى إن صدقتم فيما كنتم تعتذرون عن أنفسكم فقد جاءكم، أو إن كنتم كما تزعمون أنكم إذا أنزلنا عليكم كتابا تكونون أهدى من اليهود والنصارى فقد جاءكم. { فَمن أظْلم ممَّن كذَّب بآيات الله } أى لا أظلم ممن كذب بها بعد أن عرف صحتها أو لم يعرفوا صحتها، لكنهم متمكنون من معرفتها { وصَدَفَ } أعرض هو بنفسه أو صرف الناس { عَنْها سنجزى الَّذين يَصْدِفُون عَن آياتنا سُوءَ العذابِ } شدته { بما كانُوا يَصْدِفُون } بكونهم يعرضون، أو يصرفون غيرهم، والباء للسببية.