الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ قُلْ تَعالوْا } أمر من التعالى وهو تفاعل للعلاج، وثلاثيه علا يعلو، وأصله أن يقوله من كان فى مكان عال لمن كان فى أسفل، أى عالج الصعود إليه، ثم استعمل لمطلق طلب الإتيان والحضور من أسفل إلى علوّ، أو من علو إلى أسفل، أو من أحد مستويين إلى الآخر، وأصل ذلك الأصل أن يقال تعال عالج الصعود إلى مكان علىّ، سواء كان القائد فى المكان العالى المطلوب الصعود إليه أو فى غيره من عال، أو منخفض، ثم اعتبر لأن بقوله من كان فى عال لمن أراده أن يصعد إليه، ثم فى طلب الإتيان مطلقا. ولام الكلمة فى تعالوا محذوف واو الجمع المذكورة فيه، قال كعب الأحبار والذى نفس كعب بيده إن مفتتح التوراة { بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل ما حرم عليكم ربكم } إلى آخر الآيات التى فيها ذكر التحريم، قال ابن عباس اجتمعت الشرائع على هؤلاء الآيات ولم تنسخ قط، وقد قيل إنه العشر الكلمات التى نزلت على موسى، وقال من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار. وعن ابن مسعود من سره أن ينظر إلى الصحيفة التى عليها خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقرأ { قل تعالوا أتل } إلى قوله { تتقون }. { أتْلُ ما حرَّم ربُّكم عليْكم } أتل مجزوم فى جواب الأمر بمعنى اقرأ وهو مضارع للمتكلم الذى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما اسم موصول، أى النوع الذى حرمه ربكم، أو نكرة موصوفة أى أشياء حرمها ربكم عليكم، أو مصدرية، أى أتلوا تحريم ربكم، والتحريم لا يتلى لأنه معنى فيقدر مضاف، أى ألفاظ التحريم، لأن المتلو ألفاظ القرآن الدالة على التحريم لا المحرمات أنفسها، ولذا لم أُأَوّل التحريم بالمحرمات كما فعل بعض العلماء، ويجوز أن تكون ما استفهامية مفعولا مقدما لحرَّم، وجملة حرم ربكم مفعول لأتلو، سوغ نصبه الجملة الاستفهام، أى أتلو أى شئ حرم ربكم عليكم، وعليكم يتعلق بحرم ويقدر مثله لأتل، أو أو يعلق بأتل ويقدر مثله لحرم. { ألاَّ تشْركوا به شيئاً } إن حرف تفسير، ويجوز أن تكون مصدرية عند من يجيز دخول المصدرية على النهى والأمر، ولا حرف نهى فيفسر نفس التحريم بنفس النهى عن الإشراك، والأمر فى قوله { وبالوالدين إحساناً } معطوف على هذا النهى، فيكون مفسراً للتحريم، لكن باعتبار ضده، وهو الإساءة إلى الوالدين، فإنها هى المحرمة من حيث إن الأمر نهى عن تركه مضمونه، فإن معنى أحسنوا بالوالدين لا تتركوا الإحسان إليها إلى الإساءة ولا إلى حال ليست بإحسان، ولا بإساءة، ولذا لم أقل الأمر هنا نهى عن ضده الذى هو الإساءة، لإنه لم ينه عن الإساءة فقط، بل عن البقاء بلا إحسان، ومن جعل أن ناصبه ولا نافية جعل عليكم اسم فعل ناصبا لقوله { ألا تشركوا } أى الزموا عدم الإشراك، فيكون مبتدأ تفسير التحريم من قوله { عليكم } فيكون عطف الأوامر والمناهى بعد على عليكم.

السابقالتالي
2 3 4