الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ }

{ ثَمانيةَ أزْواجٍ } بدل من حمولة، وفرشا، بدل مطابق إذا قلنا إن الأنعام لا تطلق على غير هذه الثمانية، وإن الحمولة والفرش لا تخرج عنها، أو مفعول به لكلوا، فتكون جملة ولا تتبعوا خطوات الشيطان معترضة، وعلى الأول وهو الراجح يكون، وغيره مما يأتى مفعول كلوا محذوفاً أى كلوا ما شئتم وحل لكم مما رزقكم الله، أو مفعول لكلوا محذوفا دل عليه المذكور، أو حال من ما أى كلوا منه حال كونه متعدداً مختلفا لا قليلا تضيقون عنه ولا شيئا واحداً تسيمونه، والزوج أحد كل شيئين مقترنين، فاثنان زوجان، والواحد زوج، وإطلاق الزوج على اثنين لغة ضعيفة، وقيل تحريف، ولو كان الزوج اثنين فى الآية لكان الحاصل ستة عشر، وإنما الحاصل ثمانية كما ذكر الله، الذكر والأنثى من كل نوع من الأنواع الأربعة من الأنعام، والذكر زوج، والأنثى زوج أيضا بلا تاء، وورد الأنثى أيضا بالتاء قليلا فى غير القرآن. { مِنَ الضَّأنِ اثْنيْن } كبش أو نعجة، والضأن صاحب الصوف من الغنم، ومن الضأن حال من اثنين، واثنين بدل من ثمانية بدل مطابق باعتبار ما يعطف بعد أيضا، أو مفعول لأنشأ محذوفا يتعلق به من الضأن، والضأن جمع ضائن كصاحب وصحب، وتاجر وتجر، والمشهور فى هذا ونحوه أنه اسم جمع، ويقال أيضا، ضائبة وضأن، وتاجرة وتجر، وصاحبة وصحب، وقيل الضأن اسم جنس يطلق ولو على الواحد، وقرئ بفتح همزة ضأن جمع ضائن كخادم وخدم، وحارس وحرس بفتح أوائلهن، وقرئ اثنان على لغة قصر المثنى فهو منصوب، أو على أنه مبتدأ خبره من الضأن. { ومِنَ المَعز اثْنيْن } ذكر ويسمى التيس، وأنثى وتسمى العنز، والمعز ما له شعر من الغنم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بفتح العين جمع ماعز، واسم جمع كصاحب وصحب، وقرأ ابى المعزى جمع ماعز أو اسم جمع كبيت العروض لامرئ القيس
إذا ما لم تكن إبل فمعزى كأن قرون جلتها العصى   
{ ومن المعز اثنين } وقولهومن الإبل اثنين } وقولهومن البقر اثنين } كإعراب قوله { من الضأن اثنين } لكن بالعطف عليه لا بتقدير عامل. { قُل آالذَّكريْن حَرَّم أم الأنثيَيْن } قل يا محمد لهم إنكاراً وتوبيخاً أحرَّم الله الذكرين ذكر الضأن وذكر المعز، أم حرم الانثيين أنثى الضأن وأنثى المعز، وقدم المفعول للحصر، وكذا فى قوله بعد { قل آ الذكرين }. { أمَّا اشْتَملت عَليه أرْحامُ الأُنثَيَيْن } أنثى الضأن وأنثى المعز، أى أحرم الله الذكرين فقط الكبش والتيس، أم الأنثيين فقط النعجة والعنزة، أو حرم جميع ما يكون فى رحم النعجة من نعجة وكبش، وما يكون فى رحم العنزة من عنزة وتيس، لا تجدون الله حرم شيئا من ذلكم، سواء أكان على صفة ما تجعلونه بحيرة أو سائبة أو وصيلة أو حامياً أو لم يكن، وسواء جعلتموه نصيبا للأصنام وكفرتم بذلك أم لم تجعلوه، فما تحريم ذلك إلا من عندكم تبعا لعدوكم الشيطان، فإن كان فى تحريم ذلك وحى من الله أو حجة عقل صحيح فهاتوه، فإن الصنم لا بنفع ولا يضر، وليس ما تجعلونه نحو بحيرة مستوحيا لذلك، وإنما هو مسخر للانتفاع، ولذلك خلقه الله بلا حد يحده كما قال { نبِّئُونى } أى أخبرونى { بعلْم } صحيح فى تحريمهن، أى بأمر معلوم الصحة، أو بما يعد علماً لا جهلا { إنْ كُنتم صادِقِينَ } فى قولكم إنها محرمة، أو قولكم إن الله حرمهن.