الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ وهُو الَّذى أنشَأ } خلق بإبداع { جنَّات } من بين الكروم { مَعْروشَاتٍ } مرفوعات الكروم على بناء يبنى لها، أو على نحو خشب تغرز أو تمدها فتكون عليها { وغيرَ معْروشاتٍ } غير مرفوعات لم يبن لها ذلك، ولم يغرز فتكون منبسطة على الأرض، يقال عرّشت الكرم أعرشه بالتخفيف وبالتشديد إذا جعلته عريشا، أى سقفاً على ما غرز له أو بنى، أو رفعته على سقف سابق، واعترش الكرم صار عريشاً على غيره أى سقفاً، أو على سقف فالجنات المعروشات، وغير المعروشات، كلها من الكروم، وذلك قول الضحاك ومجاهد، ويسمى الكرم عريشاً. وقال ابن عباس والكلبى المعروشات كل ما ينفرش على الأرض ولا ساق له، فيكون كسقف عليها كالكروم والقرع والبطيخ، وفيه نظر، فإنهُ لا يعهد نحو نبات القرع والبطيخ فى جنات، وغير المعروشات ما لا يكون كالسقف على الأرض، لأن له ساقاً يرفعه كالنخل والزرع وغير ذلك، ونسب أيضا لابن عباس القول الأول، وقيل المعروشات ما من شأنه أن يعرش عرش أو لم يعرش وهو ما فى البساتين المتخذة عند القرى والأمصار من الكروم وغيرها، وغير المعروشات ما كان فى البرارى والجبال من الكروم وغيره، فإنهُ لمن شأنه أن لا يعرش، وفيه نظر، لأنهُ لا تعهد تسمية الشجرة الواحدة أو اثنين جنة، ولا تعهد الكثرة والاتصال فى البرارى إلا أن يعد شجر البرارى المثمرة، وقيل المعروشات الكروم، وغير المعروشات ما ينبت على الأرض ينبسط عليها. { والنَّخل والزَّرع } ذكرهما بالعطف على الجنات إذا لم يدخلا فى المعروشات وغير المعروشات وعلى دخولهما، فذكرهما لأنهما المقصود الأصلى، وكذا ذكر الزيتون والرمان والزرع وكلما يحرث كالبر والشعير ونحوهما، وكاللفت والجزر ونحوهما. { مُخْتلفاً أُكُلُه } حلاوة وحموضة، وجودة ورداءة، وهيئة وقدرا ولونا، والهاء للزرع والنخل وغيرهما، بتأويل ما ذكر، ولذلك أفرد، أو أفرد باعتبار فرد فرد على العموم البدلى، أى أكل كل واحد أو الهاء لأقرب مذكور وهو الزرع، ويعلم الباقى بالقياس عليه، قيل أو للنخل والباقى يحمل عليه، واختص لأنه أول بالنسبة للزرع، فهو كالعمدة مع فصله عما بعده، ومختلفا حال مما عادت إليه هاء أكله وهى مقدرة لا مقارنة، لأنه حال لأنشأ ليس فيه ما يؤكل، فضلا عن أن يختلف هذا الذى يؤكل، والأكل بضم الهمزة ما يؤكل وهو ثماره، لكن الضم منقول عندنا للتنوين. { والزَّيتُون والرُّمان مُتشابهاً وغيرَ مُتشابهٍ } يتشابه بعضه مع بعض، ولا يتشابه بعضه مع الآخر لوناً وطعماً، وقدراً وهيئة، وورقاً وثمراً، ومر كلام فى ذلك عند قولهوهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات } الآية فإن هذه الآية وتلك سواء ذكر فيهما أنواعاً خسمة، ولكن اختلف الترتيب بينهما، ذكر هنالك الحب والنخل أولا لكونهما العمدة، وذكر هنا العنب أولا لكونه ألذ مع ما زاد من تطريته بتنويعه إلى معروش وغيره، إذا قلنا إنه العنب، وذكر هنا متشابهاً مرتين، وهنالك الأول مشْتبها، والأخير متشابها لزيادة التأكيد هنا، فإن متفاعلا أبلغ من مفتعل، لأن التفاعل للمسابقة أظهر، وما للمسابقة يشتد التفاوت فيه، واختص المبالغة بما هنا لأنه ثانٍ بالنسبة لما هنالك، وهكذا كان مترفاً تزداد تشديداً وكالمبالغة بثم فى قوله

السابقالتالي
2 3 4