الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَـٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }

{ وهذا صِراطُ ربِّك مُستقيماً } الإشارة إلى القرآن فيما روى عن ابن عباس، لأنه يؤدى من تبعه إلى طريق السداد الموصل إلى الجنة، بمعنى أن ألفاظه ومعانيه توصل إلى العمل بها، والعمل بها طريق الجنة، طريق لا عوج فيه، وعنه أيضا الإشارة إلى الإسلام، أى الخضوع بامتثال الأوامر والنواهى، وقيل الإشارة إلى معانى القرآن، فإنها من حيث العمل بها طريق إلى الجنة كما فى الوجه الأول، ويجوز أن تكون الشارة إلى ما ذكر من شرح الصدر للإسلام، وجعل الصدر ضيقا حرجا وهما التوفيق والخذلان. ومعنى كونهما صراطا مستقيما أنهما عادته فى خلقه، كطريق يمشى فيه الناس بتكرر، وأنهما صواب واستقامة اقتضتها حكمة، ومستقيما حال من صراط، والعامل فيها الإشارة، وهى مؤكدة، لأن صراط الله لا يكون إلا مستقيما، كذا قيل، وفيه نظر بل هى مؤسسة لأن هذا من خارج، لأن صراطه مستقيم تحقيقا ولا بد، ولكن ليس لفظ صراط موضوعا لمعنى مستقيم، والجواب أنه التزم قائل ذلك أن التأكيد فيه من الخارج، وهو ما فى الحقيقة من أن صراطه تعالى أبدا مستقيم، لأن الله تعالى ولو كان قد خلق سبيل الشيطان، لكن لا يطلق أنها صراطه ولا سبيله. { قَد فَصَّلنا الآيات } بيناها شيئا فشيئا ولا يختلط بعضها ببعض { لِقومٍ يذكَّرونَ } يتعظون بها فيعلمون أنه القادر الخالق بالخير والشر، كالشرح والتضييق، العالم بالأحوال، العادل فى صنعه، وهذا لقوم هم مَنْ شرح الله صدره وخصهم بالذكر، لأنهم المنتفعون بها، وإلا فكذا فصلها لغيرهم، قال عطاء، المراد بقوم يذكرون أصحاب النبى ومن تبعهم بإحسان، وهذا مما يتعين إلا إذا جعلنا الآيات كتب الله كلها، فيشمل الكلام من تقدم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن تبعوا أنبياءهم ولم يخالفوهم.