الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قُل للَّهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ قُلْ لمن مَّا فى السَّماواتِ والأرْضِ } سؤال توبيخ بما عرفوه، فإنهم عرفوا أن السماوات والأرض وما فيهما مالك لهُ تعالى، وخلق لهُ كما قال { قُلْ للهِ } أى قُل هو الله، فإنهم قد اعترفوا بذلك، ولا يخالفونك، ولا يمكن أن يجيبوا بغير ذلك، فلا تتوقف حتى ينطقوا به جواباً، وهذا الوجه أولى من أن يقال قل لمن ما فى السموات والأرض، وقل أنت هو الله إن لم يجيبوك، ولا تملك الأصنام نفعاً ولا ضراً لنفسها ولا لغيرها. { كَتَبَ على نَفْسه الرحْمة } أثبتها على نفسه تفصلا لا إيجاباً، أى لا يجب على الله شئ، لكن لابد من وقوعها، لأنه لا يخلف الميعاد، والمراد رحمة الدنيا والآخرة، ومن ذلك الهداية إلى معرفته بالأدلة والكتب، ومن ذلك إمهال الكافرين، وعن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لما قضى الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش أن رحمتى غلبت غضبى " وفى رواية " تغلب غضبى " وفى رواية " سبقت غضبى " ومعنى قضى الله الخلق أظهر قضاءه. قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام اسأل لنا ربك هل يصلى لعلنا نصلى بصلاة ربنا؟ قال يا بنى إسرائيل اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، فأوحى الله إليه إنما أرسلتك لتبلغهم عنى، وتبلغنى عنهم، قال يا رب يقولون ما قد سمعت، يقولون أسأل ربك هل يصلى لعلنا نصلى بصلاة ربنا؟ قال فاخبرهم أنى أصلى، وأن صلاتى سبق رحمتى غضبى، ولولا ذلك لهلكوا عن آخرهم. وعن أبى هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وأنزل فى الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق ويتعاطفون، والجن والإنس، والبهائم والهوام، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ولو يعلم الكافر بكل الذى عند الله من الرحمة لم ييأس من الرحمة، ولو يعلم المؤمن بكل الذى عند الله من العذاب لم يأمن العذاب " وفى الحديث " فى يوم القيامة يكمل مائة رحمة بما بقى من الرحمة التى أنزل فى الدنيا، يرحم عباده مائة رحمة " وفى الحديث عن سلمان مرفوعاً " كل جزء طباق ما بين السماء والأرض " وعن عمر " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى، فإذا امرأة من السبى إذ وجدت صبياً فى السبى أخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أترون هذه المرأة طارحة ولدها فى النار وهى تقدر أن لا تطرحه؟ " فقلنا لا والله يا رسول الله، فقال الله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها "

السابقالتالي
2