الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }

{ وكذَلكَ جَعلْنا لكلِّ نبىٍّ عدوّاً شَياطِينَ الإِنْسِ والجنِّ } كما جعلنا لك شياطين الإنس والجن أعداء، جعلنا لكل نبى قبلك شياطين الإنس والجن أعداء، قال الله تعالى له ذلك، لعلمه صلى الله عليه وسلم أن له من الجن أعداء، كما أن له من الإنس أعداء، كالشياطين الذين يلغون ليلة الجن، وكالشيطان الذى تبعه بشعلة ليلة الإسراء، فاصبر لهم ولا تضعف فى الدين كما صبر الأنبياء قبلك، وارض بقضائى كما رضوا، فإن عداوتهم ولو نكرة لتقدم الحال، وعدوّاً مفعول ثان مقدم، وشياطين مفعول أول مؤخر، وإنما قلت لك ذلك لأن عدوّاً نكرة والأصل فيها أن يخبر بها من المعرفة لا العكس، لأن معنى الوصف معتبر فى عدوّاً، فكأنه قيل معادين أى أعداء، لكونه بمعنى الجمع صح الإخبار به عن شياطين، فإن عدوّاً يطلق على الواحد فصاعداً، والأصل فى الوصف غير صلة أل أن يكون هو الخبر ولو تقدم. ويجوز أن يتعلق له بمحذوف وجوباً مفعول ثان، وعدوّاً مفعول أول، فيكون شياطين بدلا من عدوّاً بدلا مطابقاً، واعتبار الوصف هى فى عدوّاً أظهر منه فى شياطين، ولو بقى عدوّاً على لفظ المفرد، وإلا فشياطين أيضا فيه معنى الوصف، لأن معناه متمردين فى الشر، أو بعداً عن الخير، وهذه الصفات موجودة فى الإنس والجن، بل هى فى الإنس أعظم، فشيطان الإنس أعظم من سبعين شيطاناً من الجن. قال مالك بن دينار رحمه الله، وهو من أصحابنا الأباضية الوهبية أهل الدعوة شياطين الإنس أعظم علىَّ من شياطين الجن، وذلك أنى إذا تعوذت من شياطين الجن ذهبوا عنى، وشياطين الإنس تجيئنى فتجبرنى إلى المعاصى عياناً، يعنى إذا ذكرت الله ذهبت شياطين الجن وفى السؤالات يقال للمنافقين يا شياطين. وأما إبليس فلا، إلا للمشركين، والمعتزلة لما منعوا وصف الله بجعل الشر وخلقه أوَّلوه بالحكم، أى حكمنا بعداوة شياطين الإنس والجن لكل نبى، تقول زيد يعدل عمراً إذا حكم بأنه عدل لا بمعنى تصييره عدلا. والحديث المتقدم عن مالك بن دينار ذكره الزمخشرى، وهو صريح فى أن الشيطان من الإنس، كما أنه يكون من الجن، وهو قول ابن عباس فى رواية عطاء، وبه قال مجاهد وقتادة، ومثله ما قال أبو ذر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل تعوذت بالله من شيطان الإنس والجن؟ " فقلت يا رسول الله، وهل للإنس من شيطان؟ قال " نعم هم شر من شياطين الجن " رواه الشيخ هود بلا سند، وكذا البغوى، ورواه الطبرانى بسنده، وكذا فى لفظ الشيخ هود أن أبا ذر رحمه الله قام إلى الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3