الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ } البيت بدل الكعبة أو بيان، والحرام نعت البيت للمدح. { قِيَامًا } مفعول ثان. { لِّلنَّاسِ } نعت لقيام، والمعنى صير الله الكعبة بسبب قيام الناس بدينهم بالحج والعبادة، وبدنياهم اذ يلوذ به الخائف الضعيف يلقى فيه الرجل قاتل أبيه ولا قتله، ولا نهب فيه ولا غارة، ويربح فيه التاجر وتجىء اليه ثمرات كل شىء، قال عطاء وابن عباس لو تركه الناس عاماً واحداً لنزل عليهم العذاب فيموتون ولا يمهلون، فقياماً صدر على حذف مضاف كما رأيت، ويجوز أن يكون من القيام الذى هو اسم لما يقوم به الشىء كملاك، فان به صلاح دينهم ودنياهم، ويجوز أن يكون البيت مفعولا ثانياً، وقياماً مفعول ثان متعدد، أو اسم مصدر بمعنى اقامة مفعول لأجله، أى ليقيم للناس دينهم ودنياهم، أو مفعول مطلق، أى يقومون به قياماً، ففى هذا الوجه يكون للناس متعلقاً بجعل أو خبر لمحذوف أى ذلك للناس، ويجوز أيضاً تعليقه لجعل فى الأوجه السابقة ولكن الراجح ما سبق. وقرأ ابن عامر قيما بكسر القاف وفتح الياء وعدم الألف بعدها مصدر قام، أعل يقلب الواو فيه ياء تبعاً لاعلال فعله بقلب الواو فيه ألفاً لا للاتباع تضمين قوماً بالصحيح كما صح يمور وحوك، لأنه ليس فعل ولا على وزنه، وذلك كما أعل ديار بقلب الواو ياء تبعاً بقلبها ألفا فى مفرده دار مع أنه غير فعل، ولا شبيه به، وهو فى هذه القراءة مفعول مطلق، أى يقومون قياماً، حذف عامله أو حال على حذف مضاف أى ذا قيام للناس، أو بمعنى قائماً للناس، وصاحب الحال لفظ الجلالة أو البيت على أن البيت مفعول لأل أو قيما مفعول ثان متعدد على حذف المضاف أو التأويل بقائم أو البيت تابع، وقيما مفعول ثان. { وَالشَّهْرَ الحَرَامَ } ذا الحجة لأن الحج فيه فهو الأولى بالارادة فى هذا المقام، كذا ظهر لى ثم رأيته لغيرى، وقيل المراد جنس الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، كان العرب تمسك عن الغارة والقتال فيهن، وكان للعجم ملوك حتى البرابر لهم جواليت تدفع عنهم، لم يكن للعرب ملوك يدفعون الظلم، فجعل الله له البيت الحرام، والأشهر الحرم تدفع بعض العرب عن بعض. { وَالهُدْىَ } ما يهدى الى البيت فيذبح، ويفرق على فقراء الحرم، فهو نسك وقوام لمعيشة الفقراء. { وَالقَلائِدَ } ذوات القلائد، فان القلائد ما يعلق على البعير من نعل، أو لحى الشجر علامة على أنه هدى، فذوات القلائد هن البدل، وهذا بعد ذكر الهدى تخصص بعد تعميم، لأن من الهدى ما قلد، ومنه ما لم يقلد، وخص بعد تعميم لمزيد فضل فانه أدلى على الحج، وأشعر بالثواب، فانه اذا لقى أحد من العرب الهدى مقلداً لم يتعرض له ولم يموت جوعاً، فهو أدل على تعظيم البيت وعظمته، ولا يؤذون صاحب الهدى المقلد.

السابقالتالي
2