الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغوِ فِى أَيمَانِكُمْ } قال ابن عباس لما نزليا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } قالوا يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا التى حلفنا عليها من تحريم ما حرمنا على أنفسنا؟ فنزلت الآية { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغوِ فِى أَيمَانِكُمْ } وهو الساقط من اليمين، وقيل ما لفظه يمين، ولم يقصد اليمين كقولك لا والله، وبلى والله، سئل الحسن عن لغو اليمين وعنده الفرزدق، فقال الفرزدق يا أبا سعيد دعنى أجب عنك، فقال ولست بمأخوذ بلغو تقوله * اذا لم تعمد عاقدات العزائم * وتقدم بيان ذلك فى سورة البقرة، بقى أن يقال كيف يكون قوله تعالى { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغوِ فِى أَيمَانِكُمْ }. { وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأَيْمَانَ } جواباً لسؤالهم كيف نفعل فى أيماننا التى حرمنا بها ما حرمنا، والظاهر أن المراد على هذا أن التحريم الذى هو منع النفس مما حل لها يمين ساقطة لا يؤاخذ عليها فى الآخرة، لأنهم لم يعقدوا الأيمان على معنى تحريم ما أحل الله، وقطع عذر فاعله، وان مما حلفوا عليه أعنى تأكد عزمهم عليه ترك النكاح، وقطع المذاكر، والسياحة والتشبيه بالرهبان، وذلك تقرب منهم الى الله، وهو أيضاً كان محرماً لنهى النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عنه، وترك الحرام كفارة الحلف على فعله تركه فى قول، وهو رواية عنه صلى الله عليه وسلم. وقيل ليس بسبب نزولها ذلك، والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم عليه الأيمان بالقصد والنية، فالرابط محذوف أو ما مصدرية، أى بعقدكم الأيمان، والمؤاخذة عذاب الآخرة، اذا كان اليمين معصية والكفارة وحدها اذا لم يعص، والمراد مطلق مؤاخذة الصادقة بما يصلح، والمؤاخذة بالكفارة شرطها الحنث، وقيل المؤاخذة بالكفارة، فيقدر مضاف، أى بنكث ما عقدتم الأيمان، أو يقدر شرط أى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان اذ حنثتم. وتخفيف قاف عقدتم قراءة نافع وحمزة والكسائى وأبى بكر بن عياش عن عاصم، وقرأ الباقون بتشديد القاف الا ابن عامر فى رواية ابن ذكوان، فانه قرأ عاقدتم بتخفيفها وألف بينها وبين المعنى، والتخفيف الأصل والتشديد موافق المجرد كقدر وقدر، أو للمبالغة وعاقدتم بالألف موافق المجرد، وذا ذكرت مواقعة المجرد فلست أريد أنه مطلوع المجرد، بل أردت أن معناهما واحد. { فكَفَارَتُهُ } أى كفارة عقد الأيمان المرتب عليه الحنث اذا حنثتم، وانما فسره الهاء بالعقد لأنه معلوم من قوله عقدتم، ولأن ما مصدرية فى أحد الوجهين، ويجوز تفسيرها بالنكث المقدر مضافاً الى ما، وانما أفرد الكفارة مع جمع اليمين فى قوله { عَقَّدتُمُ الأَيْمَانَ } لأن جمع الأيمان باعتبار جمع الحالفين، فكل يمين بكفارة واحدة بدلا مانع من رد الهاء الى الحالف، لو جمع الخطاب قبل وبعد، لأن المراد بهذا الحالف الحبس الكفارة، أى كفارة حنثه، أو كفارة اثمه، أى فالفعلة الكفارة، أى الفعلة التى تكفر حنثه أو اثمه أى تستره وتبطله.

السابقالتالي
2 3 4 5