الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ } بحقه من عمل ما أمر بعمله، وترك ما نهى عن فعله، طلباً لرضاه ومنه، والقضاء بالحق، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وتعليم الدين لمن جهل، والولاية والبراءة فى الأشخاص، والحملة وأنواع الجمل، واجلال الله ظاهراً وباطناً. { شُهَدَاءَ بِالقِسطِ } بالعدل، لا تكتموا شهادة تنفع عدوكم، أو تضر صديقكم، ولا تشهدوا لصديقكم أو على عدوكم زوراً، وشهداء خبر ثان للكون، أو حال من المستتر فى قوامين. { وَلايَجرِمَنَّكُم شَنَئَانُ قَومٍ } لا يحملنكم بغضكم قوماً أو بغض قوم اياكم والأولى أولى كما مر. { عَلَى أَلا تَعدِلُوا } على ترك العدل فيهم للبغض، مثل أن تقضوا على المشركين بالجور، أو تشهدوا عليهم بالزور، أو تقذفوهم أو تمثلوا بهم بعد القتل أو قبلهم اذا قبضتم عليهم الا قصاصاً، ومثل قتل نساء الا من قاتل منهن، وقتل الصبية ونقض عهد تشفياً لغيظ قلوبكم، فذلك خروج عن التقوى ودين الله، ومتابعة للهوى، ولو عاملتم به المشرك فكيف من يعامل المؤمن. { اعدِلُوا } للقريب والبعيد، والصديق والعدو. { هُوَ } أى العدل المعلوم من لفظ اعدلوا. { أَقرَبُ لِلتَّقوَى } أقرب للتقوى التى هى أكمل تقوى، أو الى جنس التقوى، فمعنى قربه منها فى هذا الوجه أنها من جنسه، أو أقرب أليق، كرر ذكر ولا يجرمنكم تأكيداً وليرتب عليه اعدلوا هو أقرب للتقوى، كمن قال لخادمه اسقنى، ثم جرى كلام، فقال اسقنى فانى عطشان، والله علم وحقيق بما يزيد الغيظ أن يكرر لضعف الانسان وعظم أمر الغيظ أو الأول فى مشركى العرب حين صدوا المسلمين فى الحديبية، وهذا فى اليهود. { واتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ } كذلك كرر الأمر بالتقوى تأكيداً، ولشدة صولة الغيظ، ولأن الأولى فى الميثاق بلا غيظ، وهذه فى الغيظ مع اليهود، وكرر العلم كذلك، لأن الأول بذات الصدور، والثانى بما يعملون بجوارحهم، أو لأن الثانى أعم للقلب والجوارح، لأنه يعمل بالقلب كالجوارح، وذلك لفظ وأما بالحقيقة فالعلم بذات الصدور يوجب العلم بذات الجوارح.