الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ لَقَد كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ } هم الملكانية من النصارى، والنصطورية، وقيل ان الله هو المسيح هو قول الملكانية واليعقوبية، وان الله ثالث ثلاثة قول النصطورية والمرقوسية، ومعناهم أن الله ثالث ثلاثة آلهة، وأما ثالث ثلاثة رجال بمعنى أنه معهم بالعلم والحفظ، ورابع أربعة كذلك. وهكذا فعندنا لا يجوز وهو نفاق لأنه يوهم أنه منهم، وانما يجوز ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وخامس أربعة، وسادس خمسة، لقوله تعالىما يكون من نجوى ثلاثة } الآية، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر رضى الله عنه فى الغار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " وقاس الواحدى اضافة فاعل من العدد الى عدده فى صفة الله قياساً على اضافته الى عدد تحته يليه، فأجاز الله ثالث ثلاثة، وثانى اثنين، ورابع أربعة، يعنى يعلمهم ويحفظهم قياساً على اضافته لعدد تحته. ومعنى قولهم الله ثالث ثلاثة أنه اله، وعيسى اله، ومريم اله، قوله تعالىأأنت قلت للناس اتخذونى وأمى الهين من دون الله } هذا قول الجمهور، وقيل معناه أنه أب وابن وروح القدس، فالأب جسم عيسى، والأب كلمة اختلطت بعيسى اختلاط الماء باللبن، وروح القدس الحياة فهذه ثلاثة آلهة اله واحد، وهذا تخليط اذا لم يقولوا اله واحد مركب، والواحد لا يكون ثلاثة، والثلاثة لا تكون واحدة، ولو قالوا ذلك أشركوا أيضاً، وجعلوا ذلك كقرص الشمس وشعاعها وحرارتها، وهذا حكاه المتكلمون عن النصارى، وسبق الكلام فى ذلك. { وَمَا مِن إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ } أى لا يوجد اله الا لم يكن له شريك، أى أى شىء فرض أنه اله فانه لا يصح له شريك، فبالدليل والبرهان الاله هو الله، لا مركب ولا بسيط ولا شريك له، من للاستغراق داخلة على المبتدأ، واله خبر صح الاخبار به عن اله منفى لوصفه بواحد، وقيل الخبر محذوف أى ما من اله موجود واله بدل من المستتر فى موجود. { وَإِن لَّم يَنْتَهُوا عَمَا يَقُولُونَ } بأن يقولوا لا اله الا الله، وعيسى عبد الله ورسوله، ومحمد عبد الله ورسوله. { لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } أى ليمسنهم عذاب أليم، ومن للبيان ووضع الظاهر، وهو موضع المضمر ليسميهم باسم الكفر ثانياً زيادة فى الذم، ويجوز أن يكون المعنى على الظاهر، أى ليمسن الذين بقوا منهم على الكفر، ويجوز أن يكون الواو فى ينتهوا لجملة النصارى بحكم مجموع لا الجميع، فيكون المعنى على الظاهر أيضاً، فيكون الذين تبعيضاً من مجموعهم الشامل للقائل ثالث ثلاثة وغيره، وهذا البعض هم القائلون ثالث ثلاثة، ومن للتبعيض فى هذا الوجه.