الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } كله ولا تخف، ولا تراقب أحداً، قالت عائشة رضى الله عنها من زعم أن محمداً نقص شيئاً من الوحى لم يخبر به فقد أعظم على الله الفرية، لأن الله تبارك وتعالى يقول { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } الآية، والمراد ما أمر بتبليغه، أو من شأنه لاما هو سر بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. { وَإن لَّمْ تَفْعَلْ } بل بلغت بعضاً فقط. { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } فما بلغت شيئاً منها، فان كتمان بعض ككتمان الكل، فيضيع تبليغ البعض بكتمان البعض الآخر، لأنه ينتقض به غرض الدعوة، فتبليغ جميع ما أنزل اليه ولو كان أشياء مفعولة بأزمنة وفروضاً متعددة، هو كالصلاة فى كون ترك البعض كترك الكل، بل الفرائض كلها ولو اختلفت ترك واحدة كترك الكل، فانه فرض عليه تبليغ الكل عما فرضت الركعات الأربع كلها، ومن ترك بعضاً من الصلاة لم يصح أن يقال قد أدى ما صلى منها، ألا ترى أنه لا يجزيه أن يقتصر على أن يزيد عليه ما لم يصل فقط. ودلت الآية أن الكفر بحرف من كتاب من كتب الله كفر بكتب الله كلها وأنبيائه كلهم، وبعكسه قال ابن عباس ان كتمت آية واحدة لم تبلغ رسالتى، ويجوز أن يكون المعنى فكأنك لم تبلغ شيئاً، وعلى كل حال فالجواب غير متحد مع الشرط، بل خالفه، وليس كقولك، فان تفعل فما فعلت، بل يجوز اتحادهما أيضاً بطريق يؤدى الى عدم الاتحاد، مثل أن يراد فان لم تفعل التبليغ كله فما فعلت التبليغ كله، فيكون { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاتَهُ } تهديداً ووعيداً، كأنه قيل فقد علمت جزاء من لم يبلغ، وقرأ غير نافع وابن عامر وأبى بجر رسالته بالافراد وفتح التاء. { وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } لا يصلون الى قتلك أو ضربك، فلا عذر لك فى الكتم والخوف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعثنى الله برسالاته فضقت بها ذرعاً فأوحى الله تعالى الى أن لم تبلغ رسالاتى عذبتك وضمن لى العصمة فقويت " ، وعن الحسن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا الى ربه ما يلقى من قومه فقال " يا رب ان قومى خوفونى فأعطنى من قبلك آية أعلم أنى لا مخافة على " فأوحى الله تعالى اليه أن يأتى وداى كذا وكذا فيه شجرة، فليدع غصناً منها يأتيه، فانطلق الى الوادى فدعى غصناً منها فجاء يخط الأرض حتى انتصب بين يديه، فحبسه ما شاء الله أن يحبسه، ثم قال له " ارجع كما جئت " فرجع فقال علمت يا رب أن لا خوف على ".

السابقالتالي
2 3 4