الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ }

{ قُلْ هَل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ } الذى نقمتم علينا، والخطاب بالكاف فى ذلك لكل من يصلح له على سبيل البداية، فيشمل المخاطبين فى { هَل أُنَبِّئُكُم } فهى لهم، ولكن أفردت لعموم البدلية، وانما لم أجعلها لغيرهم أو لهم ولغيرهم، لأنهم لا يخاطبون فى كلام واحد واثنان بلا تنقية لا يقال يا زيد أضربك بأن خاطبت زيداً بالنداء وعمراً بالكاف. { مَثُوبَةً } تمييز أى ثواب أى جزاء، والمراد هنا الجزاء بالسوء والشر الثابت فى الذين نقموا على المؤمنين انما ثبت على زعمهم، أى لو كان الشر فى الذى نقمتم فشر الذين لعنهم الله، وجعل منهم القردة والخنازير أعظم عقاباً، وأفظع، وهذا الجزاء الأعظم الأفظع الواقع عليهم حق واقع عند الله كما قال { عِندَ اللهِ مَن لَّعَنَهُ اللهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ } أى دين من لعنه الله، فان دين هؤلاء شر جزاء، والتقدير مضاف كما رأيت، أو يقدر مضافاً أولا، أى فبشر من أهل ذلك لأن من يدل من شر، ولا يبدل ذلك الانسان من غيره بدلا مطابقاً، فيقدر الانسان أولا وهو أهل فيطابق من لعنه الله، أو يقدر دين آخر فيطابق قوله شر، ويجوز أن يكون خبر المحذوف، أى هو دين من لعنه الله أو هم من لعنه الله، أى أهل ذلك. وأصل المثوبة الجزاء بالخير، واستعمل فى الجزاء بالشر على المجاز الارسالى المعلق بالاطلاق والتقييد، أو أحدهما بأن يعتبر المثوبة لمطلق الجزاء، ويستعمل فى جزء منه وهو العقاب، أو على المجاز الاستعارى، شبه العقاب بالثواب لجامع الترتب على فعل المكلف فسماه باسم الثواب على طريقة العرب فى قصد التهكم كقوله * نقريهم لهذميات * وقوله * تحية بينهم ضرب وجيع * وقولهفبشرهم بعذاب أليم } والمراد اليهود، فان الله أبعدهم من رحمته، وأعد لهم عذابه، ومسخ بعضهم قردة بسبب صيد السبت، وبعضهم خنازير بالكفر بعد نزول المائدة، وقيل بالصيد فى السبت مسخت شيوخهم خنازير، وشبانهم قردة، وعند متعلق بشر. { وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } فعل ماضى ومفعول به، والفاعل على مستتر عائد على من، والجملة معطوفة على لعنه الله، ويدل له قراءة ابن مسعود ومن عبدوا الطاغوت بتكرير الموصول، ولكنه راعى معنى من فى الجمع كما راعاه أى فى قراءته وعبدو الطاغوت، والطاغوت الشيطان، أو الأصنام، أو الكهنة، أو العجل، أو أحبارهم، أو ما عبد من دون الله وسبق الكلام فيه، وعبد الطاغوت بالبناء للمفعول، ورفع الطاغوت والجملة أيضاً معطوفة على لعنه الله، فتحتاج الرابط لأنها عطفت على الصلة، فيقدر أى وعبد الطاغوت فيهم أو بينهم، وقرىء وعبد الطاغوت بضم الباء وفتح العين والدال، ورفع الطاغوت على الفاعلية، أى صار الطاغوت صيرورة عظيمة ذا عبادة منهم له، أى صار معبوداً، والجملة معطوفة على لعنه الله، والرابط محذوف كما مر.

السابقالتالي
2