الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ يَأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمتُم إِلَى الصَّلاةِ } اذا أردتم القيام الى الصلاة، فذكر المسبب وهو القيام الى الصلاة، وأريد السبب وهو ارادة القيام اليها، وفائدة ذلك أنه أوجز لفظاً وأدعى للمسارعة الى الخير بحيث انه لا ينفك المراد عن الارادة ولا تراخى بينهما، كل ما أراد الصلاة فكأنك قائم اليها، مستقبل لشدة المسارعة، ولولا ذلك التأويل لكان المعنى أن الوضوء بعد الوقوف للصلاة، والاستقبال للقبلة، ثم أنه ليس كلما أردنا القيام الى الصلاة لزمنا الوضوء، بل ان كنا على غير وضوء، أى اذا أردتم القيام الى الصلاة ولستم على وضوء، ويدل لهذا ذكر الحدث فى التيمم، والتيمم بدل الوضوء وغسل الجنابة، وكونه صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد يوم الفتح، فقال عمر رضى الله عنه صنعت شيئاً لم تكن تصنعه، فقال عمداً فعلته يا عمر، يعنى بياناً للجواز. وكان يتوضأ قبل ذلك لكل صلاة ويقول " الوضوء على الوضوء نور على نور " وكان يقول " من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات " وقيل الأمر فى الآية للندب، وأن الآية فيمن هو على الوضوء، ويفاد وجوب الوضوء على من ليس على الوضوء من غير هذه الآية، وأيضا يفاد من هذه الآية، لأنه اذا ندب اليه من ليس على حدث فأحرى أن يجب على ذى حدث، وأما أن يقال للندب فيمن هو على وضوء، وللوجوب فيمن ليس عليه، ما يستعمل للكلمة فى حقيقتها ومجازها، أو فى معنييها، وقيل كان أولا الوضوء واجباً لكل صلاة، ولو لم يكن حدث فانه ينتقض بدخول وقت الصلاة الثانية، ثم نسخ بأنه يكفى حتى يحدث وهو ضعيف، لقوله صلى الله عليه وسلم " المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها " يعنى فلم تنسخ الآية بآية ولا بسنة. وذكرت فى الشامل كلاماً من هذا الفن، والصحيح ما ذكرته أولا من أن الآية فى المحدث، وأن القيام بمعنى ارادة القيام، ويقرب منه ما قيل ان المعنى اذا قمتم من النوم الى الصلاة وهو حسن أفاد أن النوم ناقض، ولا يؤول القيام فى هذا القول بارادة القيام، وهو قول زيد بن أسلم، والأول للجمهور، وكلاهما سالمان من النسخ، ومن استعمال الكلمة فى مجازها وحقيقتها أو فى معنييها، وقال صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة أحدكم اذا حدث حتى يتوضأ ". والأصل عدم النسخ، وقيل المراد أنه لا وضوء على من قام لغير الصلاة من مباح أو عبادة، ويناسبه ما روى ابن عباس رضى الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً من الخلاء فقدم، اليه طعام فقالوا ألا نأتيك بوضوء؟ فقال " انما أمرت بالوضوء اذا قمت الى الصلاة "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9